منصة إعلامية عربية متخصصة فاعلة في مجال الاقتصاد بروافده المتعددة؛ بهدف نشر الثقافة الاقتصادية، وتقديم المعلومات والمصادر المعرفية السليمة التي تسهم في نشر الوعي الاقتصادي، ومساعدة أصحاب القرار في اتخاذ القرارات الصائبة التي تقود الاقتصاد نحو تنمية فاعلة ومستدامة.

بورصة أبو ظبي | فوتسي

الأسهم الأمريكية | ناسداك

بورصة أبو ظبي | فوتسي

الأسهم الأمريكية | ناسداك

الرابط المختصر :

رحلة اقتصاد الصين نحو القوة العظمى

شهدت الصين تحولات اقتصادية جذرية منتصف القرن العشرين، تزامنت مع تغيراتها السياسية والاجتماعية، بداية من التحول الزراعي الذي أثر في حياة ملايين الفلاحين، إلى المحاولات الصناعية الطموحة، وصولًا إلى ثورة ثقافية زعزعت استقرار المجتمع وهددت بتقويض أسس الاقتصاد.

هذه الفترة المضطربة شكلت تحديات كبيرة للحزب الشيوعي الصيني، الذي سعى جاهدًا لتحويل البلاد إلى قوة اقتصادية عظمى، لكنه واجه بطريقه العديد من العقبات والتضحيات.

 

رحلة اقتصاد الصين نحو القوة العظمى
رحلة اقتصاد الصين نحو القوة العظمى

رحلة تحول اقتصاد الصين خلال منتصف القرن العشرين

في 25 فبراير 1956، شهدت روسيا جلسة سرية لأعضاء الحزب الشيوعي السوفيتي، أعلن خلالها الزعيم الجديد للاتحاد السوفيتي، الأخطاء الكثيرة التي وقعت تحت قيادة الزعيم السابق ستالين.

وقد عمد الحضور إلى التشديد على أهمية تبرعاتهم لإنقاذ البلاد؛ ما يعكس حالة من القلق بشأن مستقبل الاشتراكية في العالم.

في خضم هذه الأجواء، كانت الصين على حافة تحول كبير. في الثلاثينيات من القرن العشرين، واجه الحزب الشيوعي الصيني تحديات كبيرة، حينما كانت البلاد تعاني من حروب أهلية لصالح الحزب القومي.

لكن الحزب الشيوعي بقيادة “ماو تسي تونغ” استطاع أن ينظم صفوفه ويحقق انتصارات ملحوظة بفضل إستراتيجيات حرب العصابات، التي لم تعتمد على التنظيم العسكري التقليدي، بل على تكتيكات الكر والفر، ليحقق النجاح ضد القوات اليابانية.

المسيرة الطويلة .. نقطة التحول

هذا النجاح في مواجهة الغزاة اليابانيين، بالإضافة إلى خوض حرب أهلية ضد الحزب القومي، أدى إلى زيادة شعبية الحزب الشيوعي.

وفي واحدة من أهم المحطات التاريخية، تمكن الشيوعيون من تنفيذ الحصار على مدينة “جانسي” بجنوب الصين، وكسر الطوق المفروض من قبل قوات الحزب القومي أربع مرات. وأما في المرة الخامسة، فكانت “المسيرة الطويلة” التي شكلت نقطة تحول فارقة في تاريخ الصين.

تاريخيًا، تعتبر المسيرة الطويلة من أطول الرحلات العسكرية المتواصلة. بدأت بـ 86 ألف شيوعي، وانتهت بتقليص العدد إلى 4 آلاف، نتيجة للإجهاد والهجمات المتواصلة من قبل العدو.

ورغم التحديات، نمت أسطورة المسيرة الطويلة، وتحولت إلى رمز للقوة والشجاعة، بما ساهم في تغيير نظرة الشعب الصيني تجاه الشيوعيين، الذين كانوا يعتبرونهم سابقًا مخالفين وضعفاء.

نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، شكلت منعطفًا للأحداث، بعدما خسرت اليابان انسحابها من الصين، بينما عمق “ماو تسي تونغ” انتصاراته ضد الجيش القومي في البلاد.

ومع تزايد عدد أفراد الحزب الشيوعي من 50 ألفًا إلى 500 ألف، أصبحت القوى المشاركة في صراع السلطة واضحة، ويبدأ الشيوعيون يشعرون بأنهم لم يعودوا مجرد مجموعة صغيرة، بل حركة ذات قاعدة جماهيرية عريضة.

شعب الصين، الذي شهد تحولات كبيرة، أصبح يشاهد خطوات الحزب الشيوعي نحو السيادة. وذلك في وقت كانت فيه أوروبا تنقسم إلى معسكرين متنازعين: الشيوعية في الشرق والرأسمالية في الغرب. لا سيما مع تصاعد حدة المعارضة الغربية للأنظمة الشيوعية.

 

رحلة اقتصاد الصين نحو القوة العظمى
رحلة اقتصاد الصين نحو القوة العظمى

اقتصاد الصين تحت ضغط التحول الزراعي وإصلاحات الحزب الشيوعي

في سياق التحولات الكبرى التي شهدتها الصين، خلال منتصف القرن العشرين، شهدت البلاد تجاذبًا بين السياسات الزراعية الحديثة والتحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة.

ونفذ الحزب الشيوعي الصيني إصلاحات زراعية جذرية أدت إلى تغييرات واسعة في بنية القطاع الزراعي، لكنها أثارت أيضًا العديد من المخاوف والانتقادات.

وبدأت موجة إصلاحات في الزراعة، وشكل الحزب تعاونيات زراعية ضمت أكثر من 50 مزارعًا في كل منها، تزرع وتحصد تحت إشراف الحزب.

ومع أن هذه الخطوة كانت تهدف إلى تحسين الإنتاجية، إلا أن المشكلات بدأت تظهر عندما اكتشف المزارعون أن الأرض لم تعد ملكًا لهم، بل أصبحت تحت سيطرة الحزب. ما أدى إلى عدم الحماس للعمل في الأراضي الزراعية؛ لأن المزارعين لم يشعروا بأن لهم حصة من العائدات.

ومع تعميم هذه السياسات، بدأت تظهر مخاوف من تصاعد القوى الصغيرة للمزارعين، الذين دفعهم هذا التغيير إلى تشكيل تحالفات قد تهدد سيطرة الحزب الشيوعي.

وكان الزعيم “ماو تسي تونغ” يخشى أي نوع من المعارضة، فيما أظهرت الأحداث أن الطموحات الفردية قد تنمو بسرعة؛ ما يجعل الحزب تحت ضغط شديد للبقاء في السلطة.

دع الزهور تتفتح

في عام 1957، أطلق الحزب حملة “دع الزهور تتفتح”، مشجعًا النقد المفتوح للأحزاب وسياساتها.

ومع تسارع وتيرة الانتقادات، خاصة من داخل الحزب نفسه، انطلقت حملة تطهير واسعة ضد المعارضين، واعتقل أكثر من مليون شخص في معسكرات “إعادة التعليم”.

وقد تم تشديد الرقابة على الفلاحين لإخضاعهم للأفكار الشيوعية، لكن الجوع والفقر كانا يلوحان في الأفق.

على الرغم من شعارات التحول الزراعي، جاءت مدة العمل الطويلة في المزارع، التي تصل إلى 12 ساعة يوميًا، مع مكافآت بسيطة تقدر بـ 250 جرامًا من الطعام يوميًا.

وقد شملت حملة الحزب الشيوعي تجميع الفلاحين في “الكومونات”، لكن الظروف المعيشية كانت صعبة للغاية، مع عدم توفر الغذاء الكافي لضمان بقاء عائلاتهم.

كما أظهرت السياسات الاقتصادية في تلك الفترة التركيز المفرط على إنتاج الصلب والقمح؛ ما جعل الاقتصاد الصيني في وضع المعاناة.

وجعل الحزب الشيوعي من الصعب على الفلاحين تحسين أوضاعهم، فتم فرض قواعد صارمة على الإنتاجية حتى في ظل الظروف القاسية، وكأن “من لا يعمل لا يأكل”؛ ما زاد الشكوك حول جدوى هذه السياسات.

المجاعة الكبرى في الصين وتأثيرها الاقتصادي

واجهت الصين أزمة غير مسبوقة، بعدما أجبر الحزب الشيوعي الصيني 100 مليون فلاح على ترك أراضيهم الزراعية في إطار خطته الخمسية الجديدة لتحويل البلاد إلى قوة صناعية عظمى.

في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لتحقيق هدف إنتاجي غير واقعي من الصلب يبلغ 100 مليون طن.

وضمن خطة “ماو” للتفوق على بريطانيا بإنتاج الصلب، تم سحب الفلاحين، الذين لا يملكون أي خبرة صناعية، إلى مصانع الصلب، في مسعى لضمان زيادة الإنتاج.

اعتبرت هذه الخطوة بمثابة تجربة فاشلة، وعانى الفلاحون الذين انتقلوا من الزراعة إلى الصناعة من عدم الحصول على الأدوات والمعدات اللازمة؛ ما اضطرهم لاستخدام أساليب بدائية لجمع المعادن.

وقد أدت هذه الإستراتيجيات إلى معالجة هذه المعادن بطريقة رديئة وغير فاعلة، فيما اتجه الفلاحون لحرق أدواتهم الزراعية لتوفير المواد الخام، ليزيد ذلك من تفاقم الأزمة الزراعية.

مع تدهور الإنتاجية الزراعية، عاش الملايين من الفلاحين على حافة المجاعة، في ظل قلة الغذاء والضغط لسداد ديون الصين للاتحاد السوفيتي.

وبينما انتقلت البلاد نحو التصنيع، أُجبر الفلاحين قسريًا على العودة إلى الريف، دون أن يجدوا ما يسد جوعهم.

ورغم تلك الحقائق، استمرت الحكومة في تنفيذ سياساتها؛ ما أدى إلى واحدة من أكبر المجاعات التاريخية، ليفقد 55 مليون إنسان حياتهم جراء تلك السياسات.

الثورة الثقافية في الصين .. العنف والتطهير والمأساة

تعد الثورة الثقافية في الصين واحدة من أكثر الفترات ارتباطًا بالقلق والجنون في تاريخ البلاد.

شنت حملة تهدف إلى تطهير المجتمع وتعزيز السيطرة السياسية، في ظل حكم الزعيم الشيوعي “ماو تسي تونغ”.

وتجاوزت آثار هذه الثورة الحدود السياسية، فدمرت الهويات الثقافية والتاريخية للصين.

بدأت الحملة على نحو صارم بالتخلص من كل مثقف قد يفكر في تحدي السلطة. وشن الأفراد من الحرس الأحمر، وهم شباب مؤمنون بأفكار الحزب، هجمات عنيفة على الأساتذة الجامعيين والمدرسين، محولين الجامعات إلى ساحات للعنف والإرهاب الفكري.

ووفقًا لتقارير، سجلت جامعة “بكين” وحدها أكثر من 200 حالة انتحار لأعضاء هيئة التدريس، بسبب العنف المضاد والأذى النفسي الذي تعرضوا له.

شهدت تلك الفترة تعزيز شخصية “ماو” بشكل مذهل، أجبر خلالها الشعب الصيني أجمع على التخلي عن كل ما هو غير صيني.

واعتبرت حتى فاكهة المانجا عندما قام أحد القادة بأحضار 40 حبة منها إلى الزعيم “ماو” “هدية مقدسة”. وتركت تلك الفاكهة آنذاك حتى تعفنت ولم يمسسها أحد؛ ما عكس مستوى التقديس الذي تمتع به الزعيم بين الشباب.

وانتشرت بوسترات تشيد بـ”ماو”، لكن تلك العبادة تحولت إلى كابوس، بعدما استخدم الشباب قوتهم بمظاهرات الثقافة والفنون.

20 مليون شاب ضحية الثورة الثقافية

وفي محاولة للسيطرة على الوضع، أُرسل نحو 20 مليون شاب إلى الريف. وعُد الريف مساحة نقية لإعداد جيل جديد بعيدًا عن تأثير النخب الثقافية، يضمن ولاءهم للحزب.

وانتهت الثورة الثقافية عام 1976، مخلفة مقتل حوالي مليون إنسان. لكن العدد أقل بكثير عند مقارنته مع تداعيات المجاعة البشعة التي وقعت في تلك الفترة – بحسب المؤرخين -.

كان أحد أبرز الآثار النفسية للثورة الثقافية هو جيل كامل من الشباب الذين تورطوا في عمليات قتل. بما في ذلك قتل أستاذتهم وعائلاتهم، تحت تأثير عقيدتهم التي رسمت لهم أن هؤلاء الأشخاص أعداء الوطن.

وبذلك، دمرت الهوية الثقافية للمجتمع، وتحطمت المعابد والمكتبات، التي كانت تحافظ على ذاكرة الصين.

في تحليلات المؤرخين، يشار إلى أن آثار الثورة الثقافية تفوق المجاعات؛ لأن الجروح النفسية التي تسببت بها. ستظل تؤثر في المجتمع لعقود قادمة.

وتظهر النتائج أن العنف والتطهير الذي حصل في تلك الفترة أدى إلى نتائج مدمرة، بينما عانى الشباب الذين تم إرسالهم إلى الريف، وعاشوا حالة من النفي الداخلي. ما جعلهم يشكون في هويتهم ويعيشون العزلة.

إن الثورات الثقافية ليست مجرد أحداث تاريخية، بل دروس ملموسة. تظهر كيف يمكن للقوة السياسية أن تدمر الهويات الثقافية.

وبالتأمل في تلك الفترة يظهر كيف أن السلطة إن لم تحسن السيطرة والقيادة. ستترك أثارًا تنخر في جذور المجتمعات، وتحقق عواقب وخيمة لا تمحى عبر الأجيال.

 

رحلة اقتصاد الصين نحو القوة العظمى
رحلة اقتصاد الصين نحو القوة العظمى

الحزب الشيوعي الصيني بين تاريخ مضطرب ورقابة مشددة

عقب وفاة الزعيم الصيني “ماو تسي تونغ”، أدرك الحزب الشيوعي الصيني أنه يواجه تحديًا كبيرًا، يتمثل في كيفية التعامل مع إرث الحاكم الراحل. لا سيما مع الأحداث التاريخية السلبية. التي شهدتها الصين، مثل القفزة الكبرى والمجاعة والثورة الثقافية.

هذه الأحداث أثرت بشكل عميق في نسيج المجتمع الصيني. وجعل الحزب يخشى فقدان شرعيته وطموح أن يبقى “ماو” محط إعجاب بعد موته، بدلًا من مواجهة مصير الزعيم السوفيتي “ستالين”.

في إطار سعيه لحماية سمعته، حظر الحزب أي ذكر للأحداث التاريخية التي قد تثير الشكوك حول سلطته. ولجأ الحزب إلى إصدار مراسيم تمنع كتاب التاريخ من التطرق إلى هذه الأحداث.

وعام 1999، عندما حاول الباحثون جمع شهادات حول الثورة الثقافية. وجهت لهم اتهامات واعتقلوا، الأمر الذي يعكس قلق الحكومة من إعادة فتح الجروح القديمة.

ومنذ فبراير 2020، تم اتخاذ إجراءات صارمة في الصين لمواجهة تفشي فيروس كورونا. وتم تكليف الشرطة بمراقبة الالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي. بالإضافة إلى المواطنين أنفسهم الذين وقع عليهم عبء التبليغ عن المخالفات.

وقد شهدت التطبيقات الشعبية ظهور شباب ينفذون تلك الإجراءات بصرامة. لدرجة ربط موظف لأحد القرويين في الحائط بسبب عدم ارتدائه الكمامة.

تلك الأحداث أثارت من جديد ذكريات الثورة الثقافية، وأصبح التاريخ جرحًا مفتوحًا يذكّر الجميع. بأن الشباب الذين شاركوا في تلك الثورة هم من مارسوا السيطرة والمراقبة. لقد حرم كثير من الناس هويتهم، وأصبح جيل من الشباب متورطًا. بعنف في الثورات الثقافية، كما أشار الكُتاب إلى عواقبها المدمرة على الأجيال الحالية.

وفي ظل هذا السياق، نمت حالة من القلق لدى النخب الحاكمة، تمثل الرئيس الحالي للصين في هذه البيئة. الذي جاء من عائلة تأثرت بشدة بذلك التطهير على يد “ماو”.

واشتهرت عائلته بالمعاناة. عندما تم إرساله هو وشقيقته إلى الريف كجزء من برنامج تطهير المجتمع؛ ما أدى إلى انتحار شقيقته.

 

رحلة اقتصاد الصين نحو القوة العظمى
رحلة اقتصاد الصين نحو القوة العظمى

دولة عظمى على بحر من الفوضى

وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا، يظهر أن الصين، رغم كونها دولة عظمى، تعيش على “بحر من الفوضى”. لهذا يسعى الرئيس الحالي إلى أن يكون رمز القوة والاستقرار من خلال مراقبة مشددة لمواطنيه. إذ تمتلك الصين ما يزيد على نصف عدد كاميرات المراقبة في العالم؛ ما يمنحها قدرة رقابة هائلة.

كما تم إدخال نظام “السوشيال كريدت” عام 2014، وهو نظام يقيم المواطنين بناءً على سلوكهم وخدماتهم المجتمعية. ويهدف هذا النظام إلى قيادة المجتمع نحو الالتزام والانضباط، بما يجعل الدولة أكثر استقرارًا. ولكن من خلال الوسائل التي تثير الجدل حول فقدان الحريات.

وتؤكد التقارير أن الضغوط الاجتماعية والسياسية تؤثر في الصين بشكل كبير. ومع مستويات المراقبة العالية وتاريخها المضطرب، يتحتم على الحكومة الموازنة بين القمع والحاجة إلى الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. وهي معادلة دقيقة قد تحدد مصير البلاد في السنوات القادمة.

رغم كل التحديات والصعوبات التي واجهتها الصين في منتصف القرن العشرين، فإنها تمكنت في النهاية من تحقيق تحول اقتصادي كبير. بعد فترة طويلة من الاضطرابات والتجارب القاسية.

وتبنت الصين سياسات اقتصادية جديدة، وانفتحت على العالم، بما أدى إلى نمو اقتصادي سريع وغير مسبوق. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من الجدل حول التكلفة الباهظة التي تكبدتها الصين. في سعيها للتحول الاقتصادي، سواء على المستوى الإنساني أو الاجتماعي.

 

تقرير: يارا زيدان

الرابط المختصر :

التعليقات مغلقة.