خاص| المرأة السعودية.. قوة اقتصادية مؤثرة

تعتبر المرأة جزءًا أساسيًا من النسيج الاجتماعي والاقتصادي في المملكة، حيث شهدت السنوات الأخيرة تحولات كبيرة في السياسات والرؤى المتعلقة بدورها في المجتمع. تحت مظلة رؤية المملكة 2030، تُبذل جهودٌ متزايدة لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء. هذا التقرير يستعرض الجهود الحكومية ويستند إلى مصادر متنوعة مثل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وتقارير البنك الدولي، بالإضافة إلى الدراسات الأكاديمية حول تمكين المرأة في دول الخليج.
وضع المرأة في السعودية
تاريخيًا، أسهمت المرأة في نهضة السعودية، كما أن المملكة حققت تقدمًا ملحوظًا في مختلف المجالات عقب إطلاق رؤية 2030. وفقًا لتقارير وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ارتفعت نسبة النساء العاملات في السعودية من 18% في عام 2016 إلى 33% بحلول عام 2023، في حين تمثل النساء نحو 20% من قوة العمل في القطاع الخاص. يُظهر هذا النمو أهمية التحولات السياسية والاجتماعية في وضع المرأة.
أهداف رؤية المملكة 2030
أطلقت رؤية المملكة 2030 في عام 2016، بهدف تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة. تركز الرؤية بشكل خاص على تمكين المرأة من خلال دعائم عدة مقارنةً بالعقود السابقة حيث تهدف الرؤية إلى رفع نسبة مشاركة النساء في سوق العمل إلى 30% بحلول عام 2030. كما تعمل على تعزيز وصول النساء إلى المناصب القيادية في القطاعين العام والخاص. وتنفيذ برامج توعوية تهدف إلى تغيير النظرة المجتمعية تجاه عمل المرأة ودورها.
جهود الموارد البشرية
تشكل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية الجهة الرئيسية المسؤولة عن تنفيذ السياسات المتعلقة بالمرأة، وقد قامت بعدة مبادرات تهدف إلى تعزيز مشاركتها في سوق العمل:
برامج الدعم والتوظيف
تعمل الوزارة على تقديم برامج متعددة لاستقطاب النساء، فمثلاً، تم إطلاق منصة “التوظيف” الإلكترونية حيث تمكن النساء من البحث عن فرص العمل المتاحة. وفقًا للبيانات، ارتفعت نسبة النساء المتقدمات للوظائف الحكومية بنسبة 240% منذ عام 2016.
التشريعات والقوانين
أصدرت الوزارة مجموعة من التشريعات والقوانين الداعمة لحقوق المرأة مثل قانون حماية حقوق العاملات، الذي يضمن الحصول على إجازات أمومة والعمل في بيئة خالية من التمييز. وفقًا لتقريرها السنوي، 80% من النساء العاملات في القطاع العام يشعرن بالرضا عن بيئة العمل.
التدريب والتطوير
تستثمر الحكومة في برامج التدريب والتطوير المهني للنساء. تشير إحصائيات الوزارة إلى أن عدد النساء اللواتي اشتركن في برامج التدريب المهني ازداد من 5000 في عام 2016 إلى 25,000 في عام 2023. مع التركيز على مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات والتمويل.

تقارير البنك الدولي حول المرأة السعودية وسوق العمل
واظبت تقارير البنك الدولي على تسليط الضوء على وضع المرأة في سوق العمل في المملكة. وفقًا لتقرير البنك حول “المرأة والعمل في السعودية” لعام 2022. أوضح أن بلغت نسبة مشاركة النساء في سوق العمل 33%، وهي ما تزال أقل من المعدلات العالمية بنسبة تتجاوز 50%. بينما تمثل سيطرة النساء على المناصب القيادية 5% فقط في القطاع الخاص. كما أن النساء الحاصلات على تعليم جامعي يحققن فرص عمل أكبر، مع 40%. منهن تعملن مقارنة بنسبة 20% من النساء ذوات التعليم الثانوي.
دراسات أكاديمية حول تمكين المرأة في دول الخليج
كما تشير الدراسات الأكاديمية إلى التقدم. واحدة من الدراسات الرئيسية هي دراسة بعنوان “مستقبل المرأة في العمل الخليجي” التي تناولت الوضع في عدة دول منها السعودية. أبرزت الدراسة النتائج التالية:
- النساء في الدول الخليجية يمثلن 10% فقط من المناصب القيادية.
- تحقيق المساواة في فرص العمل يمكن أن يزيد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 30%.

لمياء الرميح.. نموذج مثالي للمرأة السعودية
بينما شهدت المملكة في السنوات الأخيرة تحولًا ملحوظًا في دور المرأة، حيث باتت تلعب دورًا محورياً في دفع عجلة التنمية الاقتصادية. وفي قلب هذا التحول، نجد شخصيات نسائية رائدة مثل لمياء الرميح. المستشارة في تطوير الأعمال والعلاقات التسويقية، والتي ساهمت بشكل كبير في تمكين المرأة اقتصاديًا.
وفي هذا السياق أكدت الرميح في تصريح خاص لـ” الاقتصاد اليوم” أن القطاع الخاص في السعودية يشهد نموًا ملحوظًا في توظيف النساء في وظائف قيادية وإدارية، وذلك بفضل الدعم الحكومي الكبير والرؤية الثاقبة لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين – حفظهم الله – في تمكين المرأة.
كما أضافت أن هذا التطور لم يقتصر على الوظائف التقليدية، بل شمل أيضًا ريادة الأعمال. حيث تحظى المشاريع النسائية بدعم كبير من خلال برامج تمويل وتدريب متخصصة؛ ما أدى إلى زيادة ملحوظة في عدد النساء اللواتي يمتلكن أعمالهن الخاصة.
ولم تتوقف الجهود عند هذا الحد، حيث تم إنشاء منصات متخصصة لدعم المرأة اقتصاديًا. مثل الندوات وورش العمل التي تقدم الدعم الشخصي والمهني اللازم للنساء الطموحات. وأشارت الرميح إلى أن هذه الجهود أثمرت عن ارتفاع ملحوظ في نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة، مما كان له أثر إيجابي كبير على الاقتصاد الوطني.
كما تأتي هذه الجهود المتسارعة في إطار رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتحسين جودة الحياة. مع التركيز على تمكين المرأة كعنصر أساسي في هذا التحول. وأكدت الرميح أن رؤية 2030 قد فتحت آفاقًا جديدة أمام المرأة السعودية، مما ساهم في تعزيز مكانتها في المجتمع ودفعها لتحقيق طموحاتها.
مقترحات لتحسين وضع المرأة
تسعى الحكومات والجمعيات الأهلية إلى تقديم اقتراحات عملية لتعزيز تمكين المرأة، والتي تشمل: تنفيذ حملات توعية لتبديد الصور النمطية حول قدرة المرأة في العمل. ووضع قوانين أكثر شمولية تعزز حقوق المرأة وحقوق العاملات. بالإضافة إلى توفير مزيد من مراكز رعاية الأطفال لتسهيل عمل النساء.
على الرغم من التقدم المحرز في تمكين المرأة في المملكة، إلا أن الطريق لا يزال يتطلب التضافات الجادة من جميع الجهات. من الواضح أن المرأة ليست فقط جزءًا من القوى العاملة، بل هي عنصر محوري لتحقيق التنمية المستدامة والابتكار. بدعم من رؤية المملكة 2030، يُنتَظَر أن تواصل الحكومة والمجتمع العمل سويًا. لتحقيق الأهداف الطموحة لتمكين المرأة وضمان حقوقها، مما ينعكس إيجابياً على الاقتصاد والمجتمع ككل.
إن تمكين المرأة ليس مجرد هدف اجتماعي، بل هو وسيلة لتحقيق التنمية الشاملة والازدهار المستدام في المملكة. وهي خطوة مهمة نحو مستقبل أفضل للجميع.