منصة إعلامية عربية متخصصة فاعلة في مجال الاقتصاد بروافده المتعددة؛ بهدف نشر الثقافة الاقتصادية، وتقديم المعلومات والمصادر المعرفية السليمة التي تسهم في نشر الوعي الاقتصادي، ومساعدة أصحاب القرار في اتخاذ القرارات الصائبة التي تقود الاقتصاد نحو تنمية فاعلة ومستدامة.

بورصة أبو ظبي | فوتسي

الأسهم الأمريكية | ناسداك

بورصة أبو ظبي | فوتسي

الأسهم الأمريكية | ناسداك

الرابط المختصر :

الرقائق الإلكترونية من “سبوتنك” إلى هيمنة “TSMC”.. قصة صعود “نفط العصر الجديد”

هل تعلم أن عشر شركات فقط تتحكم في صناعة “نفط العصر الجديد”؟ هذه الصناعة، التي تعد عصب الحياة الرقمية الحديثة؛ إنها الرقائق الإلكترونية. شركة واحدة فقط، “TSMC” التايوانية، تنتج أكثر من نصف رقائق العالم، وتهيمن على إنتاج الرقائق الأكثر تطورًا. وشركة أخرى، “ASML” الهولندية، تحتكر إنتاج الآلات المعقدة التي تصنع هذه الرقائق المتقدمة.

في هذا الموضوع، نغوص في قلب هذه الصناعة بالغة الأهمية، ونكشف خريطة الهيمنة والقوة المركزة في أيدي قلة من اللاعبين، ونفهم كيف تشكل هذه الصناعة مستقبل الاقتصاد العالمي والتنافس الجيوسياسي في عالم اليوم.

فهرس المحتوي

الرقائق الإلكترونية .. “بترول العصر الجديد”

الرقائق الإلكترونية، التي تحتوي على مليارات الترانزستورات، هي بمثابة “بوابات كهربائية” تشغل الأجهزة الإلكترونية، من الهواتف الذكية إلى أجهزة الكمبيوتر، وتعد أهم اختراع في التاريخ المعاصر. إذ أصبحت الرقائق الإلكترونية اليوم أكثر أهمية من النفط؛ فهي تشغل جميع الأجهزة والأنظمة الحديثة، من الهواتف الذكية إلى أجهزة الكمبيوتر، وتعد أساسًا لتطور الذكاء الاصطناعي، الذي يعتمد على كميات هائلة من البيانات.

الصين “مصنع العالم” ودور الرقائق

وتعد الصين اليوم “مصنع العالم” بامتياز؛ حيث تصدر منتجات بقيمة 3 تريليونات دولار وتنتج ما قيمته 5 تريليونات دولار؛ لتصبح أكبر منتج ومصدر للمنتجات في العالم.

كماتصنع 70 % من موبايلات العالم في الصين؛ ما يؤكد دورها المحوري في الاقتصاد العالمي. لكن، وراء هذا الإنتاج الهائل، تكمن قوة أخرى لا تقل أهمية؛ بل قد تفوقها، وهي “الرقائق الإلكترونية”.

هيمنة الشركات الكبرى على صناعة الرقائق الإلكترونية

وتهيمن 10 شركات فقط على إنتاج الرقائق في العالم، وتعد شركة “TSMC” التايوانية أكبر منتج لها. حيث تنتج 53 % من رقائق العالم، و92 % من الرقائق المتطورة، و44 % من رقائق الذاكرة.

كما تنتج شركتان كوريتان جنوبيتان 44% من رقائق الذاكرة، بينما تنتج شركة واحدة فقط الأجهزة التي تصنع الرقائق الحديثة.

الرقائق الإلكترونية من سبوتنك إلى هيمنة TSMC - قصة صعود بترول العصر الجديد
الرقائق الإلكترونية من سبوتنك إلى هيمنة TSMC – قصة صعود بترول العصر الجديد

تركز قوة صناعة الرقائق الإلكترونية في شركة TSMC

وتعد شركة “TSMC” التايوانية مركزًا حيويًا لصناعة الرقائق المتطورة؛ فهي تنتج 92 % من هذه الرقائق، بما في ذلك تلك المستخدمة في هواتف iPhone، وطائرات F-35. ويعد مصنع “TSMC” أغلى مصنع في العالم. ويقع في أكثر مكان متوتر بسبب جائحة كورونا.

سامسونج .. العملاق الكوري الجنوبي

لا يقل دور سامسونج أهمية عن “تي إس إم سي” في صناعة أشباه الموصلات. فبالإضافة إلى تصنيع الرقائق، تعمل سامسونج أيضًا في تصميمها؛ ما يجعلها منافساً قوياً لشركات مثل إنتل.

وقد استثمرت سامسونج مليارات الدولارات في تطوير تكنولوجيا تصنيع الرقائق؛ ما مكنها من البقاء في طليعة الصناعة.

إنتل .. التحديات والصراعات

في حين تواجه شركة إنتل الأمريكية، التي كانت رائدة في صناعة أشباه الموصلات، تحديات كبيرة في الحفاظ على مكانتها. فقد تأخرت إنتل في تطوير تكنولوجيا تصنيع الرقائق، مما جعلها تتخلف عن منافسيها التايوانيين والكوريين الجنوبيين.

كما أن اعتماد إنتل على إستراتيجية متكاملة، تشمل تصميم وتصنيع الرقائق، أثبتت أنها أقل فعالية من استراتيجية التخصص التي تبنتها تي إس إم سي.

TSMC .. نموذج فريد للنجاح

وتعد شركة “تي إس إم سي” التايوانية نموذجًا فريدًا في عالم صناعة أشباه الموصلات. فقد تبنت الشركة إستراتيجية ذكية، تركزت على التخصص في تصنيع الرقائق، دون المنافسة في تصميمها. هذه الإستراتيجية مكنت “تي إس إم سي” من بناء علاقات قوية مع كبرى شركات التكنولوجيا في العالم؛ مثل “آبل” و”كوالكوم”، اللتين تعتمدان على رقائقها المتطورة في منتجاتهما.

الرقائق الإلكترونية من سبوتنك إلى هيمنة TSMC - قصة صعود بترول العصر الجديد
الرقائق الإلكترونية من سبوتنك إلى هيمنة TSMC – قصة صعود بترول العصر الجديد

احتكار القمة.. شركة “ASML” وسيطرتها المطلقة

وفي قلب هذه الصناعة ال‘ستراتيجية، تبرز شركة واحدة تهيمن بصورة كاملة على الجزء الأكثر تطورًا وحيوية، وهي شركة ASML الهولندية. هذه الشركة العملاقة تحتكر بنسبة 100 % تقريبًا سوق آلات الليثوغرافيا المتطرفة فوق البنفسجية “EUV”.

هذه الآلات هي الأحدث والأكثر تقدمًا في العالم. كما أنها ضرورية لإنتاج الرقائق الإلكترونية الأكثر تطورًا التي تستخدم في أحدث الهواتف الذكية، والمعالجات المركزية، والذكاء الاصطناعي، وغيرها من التطبيقات المتطورة.

هذا الاحتكار المطلق يمنح “ASMLّ قوة هائلة ونفوذًا لا يضاهى في صناعة الرقائق الإلكترونية العالمية. إنتاج “ASML” من هذه الآلات محدود للغاية؛ حيث لا يتجاوز 25 إلى 30 آلة سنويًا. سعر كل آلة يتراوح بين 150 إلى 250 مليون دولار. وهو مبلغ فلكي يعكس مدى تعقيد هذه التكنولوجيا وارتفاع الطلب عليها.

ولتصنيع هذه الآلات الفريدة، تعتمد “ASML” على شبكة واسعة من الموردين العالميين، يبلغ عددهم الآلاف. هؤلاء الموردون متخصصون في مجالات متنوعة، مثل الليزر، والعدسات، والبرمجيات، والمكونات الدقيقة. شركات عملاقة مثل Zeiss، و Samsung، وغيرها، هي جزء من هذه الشبكة المعقدة؛ ما يؤكد الطبيعة العالمية لصناعة الرقائق الإلكترونية.

حظر البيع للدول المنافسة .. قيود جيوسياسية صارمة

بسبب الأهمية الإستراتيجية القصوى لآلات ASML، تخضع الشركة لقيود جيوسياسية صارمة. الحكومة الهولندية، بتأثير من الولايات المتحدة وحلفائها، تمنع ASML من بيع آلات الليثوغرافيا المتطورة إلى دول معينة، وعلى رأسها روسيا والصين وأوكرانيا.

هذا الحظر المفروض يعكس الصراع الجيوسياسي المتصاعد بين القوى العظمى في مجال التكنولوجيا، ويؤكد أن صناعة الرقائق الإلكترونية باتت ساحة حرب تكنولوجية حقيقية. ليس هذا فحسب؛ بل يمتد الحظر ليشمل أيضًا توظيف مواطنين من دول معينة في ASML. هذه القيود المشددة تهدف إلى الحفاظ على التفوق التكنولوجي للولايات المتحدة وحلفائها في صناعة الرقائق الإلكترونية، ومنع المنافسين من الوصول إلى أحدث التقنيات التي قد تهدد هذا التفوق.

صناعة الرقائق الإلكترونية.. هيكل ثلاثي الأضلاع للقوة

صناعة الرقائق الإلكترونية لا تقتصر فقط على تصنيع آلات الليثوغرافيا؛ بل تتكون من ثلاثة أقسام رئيسية متكاملة، تشكل معًا سلسلة إمداد معقدة وعالمية:

  • تصنيع آلات الليثوغرافيا: كما ذكرنا سابقًا، تهيمن “ASML” على هذا الجزء الحيوي، وتحديدًا في مجال آلات الليثوغرافيا المتطورة EUV. هذا الاحتكار يمنح الشركة قوة تحكم كبيرة في الصناعة بأكملها.
  • تصميم الرقائق الإلكترونية: هذا القسم يضم الشركات التي تقوم بتصميم الرقائق الإلكترونية وتحديد وظائفها وخصائصها. أبرز الشركات في هذا المجال تشمل “Nvidia”، و”AMD”، و”Qualcomm”، و”Apple”.
  • تصنيع الرقائق الإلكترونية “Foundriesّ”: هذا القسم يضم الشركات التي تقوم بتصنيع الرقائق الإلكترونية فعليًا، بناءً على التصميمات المقدمة من شركات التصميم. أكبر الشركات في هذا المجال تشمل TSMC “تايوان”، وSamsung “كوريا الجنوبية”، و GlobalFoundries “الولايات المتحدة”.

التحالف الغربي يهيمن.. غياب روسيا والصين عن المشهد المتقدم

عند النظر إلى هذه الأقسام الثلاثة، يتضح أن الولايات المتحدة وحلفائها يهيمنون بشكل كامل على الجزء الأكثر تقدمًا وتطورًا من صناعة الرقائق الإلكترونية. آلات الليثوغرافيا المتطورة EUV من ASML “هولندا”، شركات تصميم الرقائق الكبرى “الولايات المتحدة”، ومسابك التصنيع الرائدة “تايوان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة” جميعها تقع ضمن نطاق التحالف الغربي، المثير للانتباه هو غياب روسيا والصين عن هذا المشهد المهيمن.

الرقائق الإلكترونية: من "سبوتنك" إلى هيمنة TSMC - قصة صعود بترول العصر الجديد

وعلى الرغم من محاولات روسيا والصين الحثيثة لتطوير صناعة الرقائق الإلكترونية المحلية؛ إلا أنهما لا يزالان متأخرين بفارق كبير عن الغرب في مجال التقنيات المتقدمة، وخاصة في مجال آلات الليثوغرافيا المتطورة EUV.

ويقتصر دور روسيا والصين في صناعة الرقائق الإلكترونية بشكل كبير على المراحل النهائية من خط الإنتاج؛ مثل تجميع المكونات وتغليف الرقائق، وهي مراحل ذات قيمة مضافة أقل بكثير من تصميم وتصنيع الرقائق المتقدمة.

هذا الواقع يؤكد أن صناعة أشباه الموصلات باتت سلاحًا إستراتيجيًا في يد الولايات المتحدة وحلفائها، يمكن استخدامه للضغط على المنافسين الجيوسياسيين، وتقييد وصولهم إلى أحدث التقنيات، والحفاظ على التفوق التكنولوجي الغربي.

تأثير الرقائق على الاقتصاد العالمي

تعد الرقائق الإلكترونية اليوم أكثر أهمية من البترول؛ حيث تشغل جميع الأجهزة والأنظمة الحديثة. بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، الذي يعتمد على كميات هائلة من البيانات. وتقدر القيمة التسويقية لشركة Apple، التي تعتمد على رقائق TSMC، بتريليون دولار؛ ما يجعلها أكبر شركة في العالم من حيث القيمة التسويقية.

لا يقتصر تأثير صناعة أشباه الموصلات على شركات التكنولوجيا فقط؛ بل يمتد ليشمل الاقتصاد العالمي بأكمله. فالرقائق أصبحت تدخل في صناعة كل شيء تقريبًا، من السيارات إلى الأجهزة المنزلية؛ ما يجعلها عنصرًا حاسمًا في التجارة الدولية.

وقد أدى نقص في أشباه الموصلات، الذي حدث خلال جائحة كوفيد-19، إلى اضطرابات كبيرة في سلاسل الإمداد العالمية، وتسبب في ارتفاع الأسعار.

من سبوتنك إلى عصر الرقائق – قصة هيمنة التكنولوجيا في العالم

شهدت الحرب الباردة صراعًا شرسًا بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، لم يقتصر على التسلح والسياسة؛ بل امتد إلى التكنولوجيا والفضاء. وكان إطلاق سبوتنك، أول قمر صناعي في التاريخ، إشارة إلى تفوق علمي سوفيتي، لكن الولايات المتحدة لم تستسلم؛ بل أطلقت برنامجًا فضائيًا طموحًا، وهبطت أول إنسان على سطح القمر.

هذه الأحداث، التي تبدو متباعدة، كانت شرارة لبداية عصر جديد، عصر الرقائق الإلكترونية، التي أصبحت “بترول العصر الحديث”، وقادت إلى تحولات جذرية في الاقتصاد العالمي.

من الفضاء إلى الرقائق.. قصة تحوّل تكنولوجي

بينما لم يكن الوصول إلى القمر مجرد إنجاز علمي؛ بل كان محفزًا لتطوير تكنولوجيا الرقائق الإلكترونية، التي استخدمت في صناعة الصواريخ والمركبات الفضائية.

هذه التكنولوجيا، التي بدأت بتطبيقات عسكرية، سرعان ما انتشرت في الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، وغيرت حياة الناس جذريًا.

صعود اليابان في صناعة الإلكترونيات

في السبعينيات والثمانينيات، شهدت اليابان صعودًا كبيرًا في صناعة الإلكترونيات، بينما استثمرت بكثافة في البحث والتطوير. واستفادت من العمالة الرخيصة والتكنولوجيا الأمريكية. وتمكنت الشركات اليابانية؛ مثل سوني وشارب، من إنتاج أجهزة إلكترونية عالية الجودة بأسعار تنافسية؛ ما أدى إلى تغييرات جذرية في سوق الإلكترونيات العالمي.

تحديات الهيمنة الأمريكية

واجهت الولايات المتحدة تحديات كبيرة في الحفاظ على هيمنتها على صناعة الإلكترونيات؛ حيث تفوقت عليها اليابان في بعض المجالات؛ مثل إنتاج أجهزة الراديو والتلفزيون.

كما ظهرت قوى آسيوية أخرى؛ مثل كوريا الجنوبية وتايوان، التي استغلت العمالة الرخيصة والتكنولوجيا المتقدمة؛ لتصبح مراكز تصنيع رئيسة للإلكترونيات.

قصة الصعود: من اليابان إلى تايوان وكوريا الجنوبية

بدأت القصة في اليابان، التي سيطرت على صناعة أشباه الموصلات في السبعينيات والثمانينيات. إلا أن صعودًا سريعًا لشركات تايوانية وكورية جنوبية، مثل تي إس إم سي وسامسونج، قلب الموازين.

هذه الشركات، بدعم حكومي قوي واستثمارات ضخمة، تمكنت من تطوير تكنولوجيا متقدمة، وتقديم منتجات عالية الجودة بأسعار تنافسية.

المعجزة الآسيوية .. نهضة كوريا الجنوبية واليابان

جانب آخر مثير للفضول في صناعة الرقائق الإلكترونية هو النهضة المذهلة التي شهدتها دول آسيوية مثل كوريا الجنوبية واليابان.

ففي ستينيات القرن الماضي، كانت كوريا الجنوبية دولة فقيرة تعاني من آثار حرب أهلية مدمرة. اليابان كانت تتعافى من آثار الحرب العالمية الثانية والكارثة النووية التي حلت بها. هذه الدول كانت تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية هائلة.

ومع ذلك، تمكنت هذه الدول الآسيوية، بفضل رؤية حكومية استراتيجية، واستثمارات ضخمة في التعليم والبحث والتطوير، ودعم الشركات المحلية، من تحقيق معجزة اقتصادية وتكنولوجية. كما تحولت إلى قوى عظمى في صناعة الرقائق الإلكترونية العالمية. شركات مثل Samsung و TSMC “التايوانية، ولكن لها جذور كورية” و SK Hynix و Toshiba و Sony وغيرها، أصبحت علامات تجارية عالمية رائدة في مجال الرقائق والإلكترونيات. وحجم الاستثمارات في صناعة الرقائق الإلكترونية في آسيا مذهل حقًا.

في حين أن شركة “TSMC” وحدها تستثمر 100 مليار دولار خلال ثلاث سنوات فقط، ويقال إن كوريا الجنوبية تخطط لاستثمار 450 مليار دولار في هذا القطاع. الاتحاد الأوروبي، بالمقارنة، يخطط لاستثمار “فقط” 50 مليار دولار، ثم رفع هذا الهدف إلى 150 مليار دولار خلال عشر سنوات. هذه الأرقام تعكس مدى تفوق آسيا في هذا المجال، ومدى جدية الاستثمارات الآسيوية في صناعة الرقائق الإلكترونية.

أصغر من شعرة الرأس بعشرة آلاف مرة

التقدم التكنولوجي الهائل في صناعة الرقائق الإلكترونية يتجسد في تقليص حجم الترانزستورات بشكل مذهل. الترانزستور هو الوحدة الأساسية في الرقائق الإلكترونية، ومسؤول عن معالجة البيانات وتنفيذ العمليات المنطقية. كلما كان الترانزستور أصغر، زادت كفاءة الرقاقة وقدرتها على معالجة البيانات أسرع وأكثر فاعلية.

اليوم، وصل حجم الترانزستورات إلى واحد نانومتر. النانومتر هو جزء من المليار من المتر، وهو حجم متناهي الصغر يصعب تصوره؛ ولتوضيح هذا الحجم المذهل، تخيلوا أن سمك شعرة الرأس يبلغ نحو 100 ألف نانومتر.

هذا يعني أن حجم الترانزستورات الحديثة أصغر من شعرة الرأس بعشرة آلاف مرة! الأكثر إثارة للدهشة هو أن حجم الترانزستور بات قريبًا جدًا من حجم الذرة. حجم الذرة يتراوح بين نصف نانومتر إلى نانومتر واحد، هذا يعني أننا نصنع ترانزستورات بحجم الذرة تقريبًا، وهو إنجاز علمي وهندسي مذهل يفوق الخيال.

وعندما ندرك هذا التقدم الهائل، نشعر بفخر عميق بالإنجازات البشرية في مجال العلوم والتكنولوجيا. خلال فترة قصيرة نسبيًا من عمر البشرية على كوكب الأرض (300 ألف سنة)، تمكنا من اختراق قوانين الفيزياء والوصول إلى مستويات من الدقة والتعقيد لم تكن لتخطر على بال أحد قبل عقود قليلة فقط.

مستقبل الرقائق الإلكترونية

المستقبل يحمل المزيد من النمو والازدهار لصناعة الرقائق الإلكترونية. التوجه العالمي نحو الأجهزة الذكية في كل شيء، من المنازل والمدن، إلى المصانع والمستشفيات، يتطلب المزيد والمزيد من الرقائق الإلكترونية.

كل جهاز ذكي يحتاج إلى رقائق إلكترونية لتشغيل وظائفه الذكية، وهذا يعني أن الطلب على الرقائق الإلكترونية سيستمر في النمو بوتيرة متسارعة في السنوات القادمة.

في النهاية، صناعة الرقائق الإلكترونية ليست مجرد صناعة اقتصادية؛ بل هي محرك للتقدم الحضاري والإنساني. إنها الصناعة التي تمكننا من تحقيق أحلامنا في عالم أكثر ذكاءً وكفاءة وراحة.

 

كتبت: يارا زيدان

الرابط المختصر :

التعليقات مغلقة.