اقتصاد الزومبي
قد يبدو الأمر غريبًا بإطلاق مصطلح الزومبيZombie على الاقتصاد، فما علاقته بالاقتصاد؟
قد يعجبك.. السندات الصفراء.. والتمويل المستدام
من منا لم يشاهد أفلامًا تتناول كائنات الزومبي التي تنقل العدوى لمن حولها؛ ذلك المصطلح المستمد من الفولكلور الهايتيّ.
اقتصاد الزومبي
ويمثل الزومبي Zombie جسدًا ميتًا يتم إحياؤه بطرق مختلفة، غالبًا ما تستدعي أساليب الخيال العلميّ؛ مثل التعرض للجراثيم، والطفيليات، والإشعاع، والأمراض العقلية، والتجارب العلمية… إلخ.
ويمكن تفسير الزومبي بجثة حُقِنت أو تعرضت لفيروس فانتقلت العدوى منها إلى الأعضاء الأخرى من الجسم؛ حتى استقرت في المخ؛ ذلك العضو المسؤول عن حركة الأعضاء.
كما أنه يشبه تحريك الجثة بشخص عاد للحياة مرة أخرى، ولكنه مصاب بالعدوى، ولديه رغبة مُلِحة في افتراس من حوله، بدون معرفة الأسباب؛ أي ما يشبه داء الكلب.
أول من صاغ هذا المصطلح هو إدوارد كاين من كلية بوسطن الأمريكية؛ وذلك في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، عندما أطلقه على البنوك التي تعثرت وتعرضت للتصفية؛ نتيجة أزمة الرهن العقاري، ثم سُمِح لها بالاستمرار في أنشطتها.
ولتجنب حدوث الزومبي في البنوك، يجب التعرف على أسباب الخسائر، وإضافة رأس مال جديد.
يشير مصطلح الزومبي في الشركات إلى تلك الشركات التي انتعشت في سنوات سابقة؛ بسبب أسعار الفائدة المنخفضة.
فيما تواجه اليوم مخاطر متصاعدة؛ كونها لا تحقق أرباحًا تكفي لسداد تكاليف الاقتراض؛ ما ينعكس على القوائم المالية؛ بسدادها الفوائد فقط دون سداد أصل القرض؛ ما يحول دون استمرارها؛ أي شركات ميتة حية.
وسواءً كان الزومبي بنوكًا أو شركات، فإن المبدأ الأساسي واحد؛ وهوالسماح لها بالاستمرار،على أمل أن تعود إلى الحياة يومًا ؛ لأنها ليست ناجحة ولا مفلسة.
ولقد استخدم ريكاردو كاباريللو؛ أستاذ الاقتصاد بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مصطلح الزومبي- الذي استعاد شعبيته في الإعلام مرة أخرى بالولايات المتحدة الأمريكية خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008 – في تحليله للعقد الضائع في اليابان، الذي تزامن مع تسعينيات القرن الماضي فيما يعرف بفقاعة الأسعار.
وساهمت المساعدات الحكومية والقروض التي منحتها البنوك في مساعدة الشركات في البقاء على قيد الحياة، وإن كانت في واقع الأمر “زومبي”؛ إذ تسببت السياسات النقدية المتساهلة على مدار السنوات السابقة في نمو العديد من الشركات الصغيرة الزومبي التي تتسبب في الحد من الإنتاجية والنمو.
تأثير الشركات الزومبي على الاقتصاد
تكمن المشكلة الحقيقية للشركات الزومبي في أنها تظل عالقة في دائرة مغلقة من الركود للإنتاجية والنمو، بل تعمل أيضًا على امتصاص رأس المال الذي كان يمكن توجيهه إلى شركات أكثر فاعلية ونشاطًا للاستثمار في مجالات أنشطة جديدة أو جيدة.
كما تتسبب الزومبي في تقليص الاستثمارات، والانهيار المفاجئ للشركات وما يترتب عليه من فقدان كثير من الوظائف، وتقليل الاستهلاك؛ ما يستوجب فرض سياسات متشددة للإقراض قد تؤثر على شركات أخرى وتدفعها نحو الانهيار أو الدخول في مرحلة الزومبي؛ لارتفاع تكاليف خدمة الديون؛نتيجةارتفاع أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم.
انهيار بنك سيليكون
وعكست اضطرابات السوق العالمية-بسبب انهيار بنكي سيليكون فالي،وسيجنتشرفي مارس الماضي- المخاوف من إضعاف ارتفاع أسعار الفائدة الشركات المقترضة، وأجزاء حيوية من القطاع المصرفي؛ ما يوصلنا إلى حقيقة وجود بنوك زومبي.
وبافتراض خضوع السوق لتغييرات،ستكون الشركات الزومبي هي أول المُهدَدين بالانهيار؛ لعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها أمام الدائنين عند ارتفاع أسعار الفائدة.
ويأتي ذلك على الرغم من أن معظم شركات الزومبي تكون صغيرة، بعد أن أدت السياسات النقدية المتساهلة إلى نموها في الآونة الأخيرة.
وتواجه الدول مشكلة في التخلص من الشركات الزومبي؛ منها الإبقاء على الوظائف من خلال الدعم الحكومي لها؛ما يعيق نمو الشركات الناجحة.
ويقلل من توفير وظائف جديدة، علاوة على الدعم الذي تتيحه المؤسسات المالية والبنوك والموردون، الذين يساعدون في الإبقاء على تلك الشركات حمايةًلمصالحهم وارتباطاتهم التشغيلية والتمويلية.
وعلى الجانب الآخر، نجد أن الشركات الناجحة هي التي لا تعتمد على الائتمان الخارجي إلا في أضيق الحدود، كما أنها تستطيع سداد ديونها والتعامل مع الركود المحتمل بشكل أكثرا حترافية.
مقالات ذات صلة:
الاقتصاد.. وألوانه الثمانية (1-2)
السعودية تتصدر الاقتصاديات العشرة الأكثر إصلاحًا
د. إسلام جمال الدين شوقي
خبير أسواق المال
عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي
التعليقات مغلقة.