أزمة مالية تلوح في الأفق لجيلَي “إكس” و”طفرة المواليد”
كشفت دراسة استقصائية حديثة أجراها مركز “مورنينغ ستار للدراسات التقاعدية والسياسية” عن حقيقة مرعبة تلوح في الأفق، وهي أن ملايين الأمريكيين من جيلَي “إكس” و”طفرة المواليد” يواجهون خطرًا داهمًا يتمثل في عجز مالي كبير عند بلوغ سن التقاعد.
هذه الأزمة المتصاعدة تهدد بتغيير جذري لأسلوب حياة أفراد هذين الجيلين، وتلقي بظلالها على المستقبل الاقتصادي للولايات المتحدة.
تلاشي المعاشات عند سن التقاعد
وفقًا لـ تقرير CNN يكمن أساس هذه الأزمة في التحول الجذري الذي طرأ على أنظمة سن التقاعد في الولايات المتحدة. ففي الماضي كانت الشركات تقدم معاشات تقاعدية محددة المزايا، تضمن للموظف دخلًا ثابتًا ومستقرًا طوال فترة تقاعده. إلا أن هذا النظام التقليدي، الذي كان بمثابة شريان حياة للعديد من المتقاعدين، بدأ يتلاشى تدريجيًا لصالح نظام المساهمة المحددة.
في ذلك النظام الجديد يتحمل الموظف مسؤولية الادخار لسنوات طويلة، مع عدم وجود ضمانات بشأن قيمة المعاش المستقبلي.
عوامل متضافرة تسبب تفاقم الأزمة
التحول إلى نظام المساهمة المحددة لم يكن العامل الوحيد الذي ساهم في تفاقم هذه الأزمة. فالعوامل التالية لعبت دورًا مهمًا في تعقيد المشكلة:
- زيادة متوسط العمر المتوقع؛ حيث يعيش الناس اليوم أطول مما كان عليه الحال في الماضي؛ ما يعني حاجتهم إلى توفير مبالغ أكبر عند سن التقاعد.
- مع تزايد العمر تزداد الحاجة إلى الرعاية الصحية؛ ما يضع ضغطًا كبيرًا على المدخرات التقاعدية.
- التضخم المستمر، والذي يؤدي إلى تآكل قيمة المدخرات بمرور الوقت، وهذا يقلل من قدرتها الشرائية.
- الركود الاقتصادي المتكرر الذي يتسبب في فقدان الوظائف وانخفاض الدخول؛ ما يحد من قدرة الأفراد على الادخار.
- التفاوت في الدخول بين مختلف شرائح المجتمع، وهو يزيد من صعوبة الادخار بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض.
تأثير مكان العمل
أظهرت الدراسة أن مكان العمل يلعب دورًا حاسمًا في تحديد مدى استعداد الفرد للتقاعد. فموظفو القطاع العام، الذين يتمتعون بمعاشات تقاعدية محددة وفرص أفضل للادخار، هم الأقل عرضة لمواجهة صعوبات مالية عند التقاعد.
أما موظفو القطاع الخاص، خاصة العاملين في الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، والمتعاقدين المستقلين، والعاملين المؤقتين، فهم الأكثر تضررًا؛ حيث يفتقرون إلى خطط تقاعد شاملة. بالإضافة إلى ذلك فإن العمال ذوي الدخل المنخفض والنساء والأقليات العرقية أكثر عرضة لمواجهة تحديات في الادخار للتقاعد.
تداعيات خطيرة على المستوى الفردي والمجتمعي
تهدد أزمة التقاعد هذه بتقويض الأمن المالي للأسر الأمريكية؛ ما يؤدي إلى عواقب وخيمة على المستوى الفردي والمجتمعي، بما في ذلك: انتشار الفقر بين كبار السن؛ فقد يجد العديد من المتقاعدين أنفسهم يعيشون تحت خط الفقر، وهذا يقلل من نوعية حياتهم ويؤثر في صحتهم النفسية والجسدية.
وكذلك زيادة الاعتماد على برامج المساعدة الحكومية؛ فمن الممكن أن يضطر العديد من المتقاعدين إلى الاعتماد على برامج المساعدة الحكومية لتلبية احتياجاتهم الأساسية؛ ما يزيد من الضغط على الميزانية العامة.
علاوة على تأخير سن التقاعد؛ إذ يضطر الكثيرون إلى تأخير سن التقاعد للعمل لفترة أطول؛ ما يقلل من فرص الشباب في الحصول على وظائف.
إلى جانب تدهور النظام الصحي؛ لأن تراجع الحالة الصحية للمتقاعدين بسبب الضغوط المالية يسبب زيادة الضغط على النظام الصحي.
حلول مقترحة لمواجهة الأزمة
مواجهة هذه الأزمة المعقدة تتطلب حلولًا شاملة ومتعددة الأبعاد، تشمل:
- تشجيع الادخار الإلزامي؛ حيث يمكن فرض قوانين تلزم الشركات بتوفير خطط ادخار للتقاعد لموظفيها، أو فرض مساهمات إجبارية في هذه الخطط.
- إصلاح نظام الضمان الاجتماعي؛ إذ يمكن إجراء إصلاحات على نظام الضمان الاجتماعي لضمان استدامته في المستقبل.
- توفير برامج تعليم مالي شاملة للمواطنين؛ لمساعدتهم في اتخاذ قرارات استثمارية صائبة وإدارة أموالهم بشكل فعال.
- تعديل سياسات الضرائب لتشجيع الادخار للتقاعد.
- دعم رواد الأعمال وتشجيعهم على إنشاء شركات جديدة؛ ما يوفر فرص عمل جديدة ويزيد من الدخول.
- توفير الرعاية الصحية بأسعار معقولة لكبار السن، وذلك يقلل من الضغط المالي عليهم.
في حين أن أزمة التقاعد التي تواجه جيلَي “إكس” و”طفرة المواليد” هي تحدٍ كبير يهدد الاستقرار المالي للمجتمع الأمريكي. يتطلب حل هذه الأزمة تضافر جهود الحكومة والشركات والأفراد؛ من خلال اتخاذ إجراءات جذرية لضمان مستقبل مالي مستدام للأجيال القادمة.