منصة إعلامية عربية متخصصة فاعلة في مجال الاقتصاد بروافده المتعددة؛ بهدف نشر الثقافة الاقتصادية، وتقديم المعلومات والمصادر المعرفية السليمة التي تسهم في نشر الوعي الاقتصادي، ومساعدة أصحاب القرار في اتخاذ القرارات الصائبة التي تقود الاقتصاد نحو تنمية فاعلة ومستدامة.

بورصة أبو ظبي | فوتسي

الأسهم الأمريكية | ناسداك

بورصة أبو ظبي | فوتسي

الأسهم الأمريكية | ناسداك

الرابط المختصر :

جائحة كورونا.. ودور الدولة في الاقتصاد (2/2)

لم يكن يتصور أحد، أن يشهد العالم حالة تخبط غير مسبوقة في ظل الانتشار العالمي لفيروس كورونا المستجد (COVID-19)في مارس 2020؛ حيث اجتاح الوباء كل أنحاء العالم خلال أيام، رغم محاولات دول العالم اتخاذ إجراءات لمنع انتشاره صحيًا، والحد من تبعاته على الاقتصاد العالمي بكافة قطاعاته.

كورونا
كورونا

اقرأ أيضًا..جائحة كورونا.. ودور الدولة في الاقتصاد(1/2)

ولقد اتجهت العديد من دول العالم إلى تبني إجراءات وسياسات احترازية من بينها إغلاق كلي، وإغلاق جزئي؛ ما أحدث تغيرات هيكلية في الاقتصاد على مستوى العالم نتيجة الانتشار السريع للفيروس؛ حيث زادت الأعباء الاقتصادية ومعدلات الفقر ومهددات الأمن الغذائي؛ ما يستوجب زيادة دور الدولة في الاقتصاد.

اقرأ أيضًا..الاستثمار المستدام.. ومستقبل ريادة الأعمال 

لقد مهدت هذه الجائحة مرة أخرى إلى عودة دور الدولة في الاقتصاد؛ لأن الاقتصاد الحر القائم على مبدأ “دعه يعمل دعه يمر”، مرّ بأزمات اقتصادية، واحدة تلو الأخرى؛ لتهتز ثوابته وأركانه، لكن عودة الدولة لن يقتصر على العمل كرقيب ومُنظّم لآليات السوق، بل يمتد إلى لعب دور أكبر في الاقتصاد كفاعل وموازن ومصحح لآليات السوق التي فشلت أن تصحح نفسها بنفسها.

 

ولكن، كيف تمارس الدولة دورًا اقتصاديًا أكبر حجمًا في ظل تداعيات فيروس كورونا؟

للإجابة عن هذا السؤال، يجب إعادة النظر في كثــير مــن معطيــات الوضــع الاقتصــاد العالمــي الراهــن،فالجديد هذه المرة أن التغير المحتمل لن يكون متعلقًا فقط بإعادة صياغة العلاقات الاقتصاديــة بين الدول، وآليات تسييرها، بل ســيدفع أيضًا نحــو دور اقتصــادي أكبــر للدولــة؛لوجود حاجة ماسة إلى إعادة توزيع الأدوار بين آليات السوق والدولة، خاصةً فيما يتعلق بتوزيع وتخصيص الموارد، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على حد سواء.

كورونا
كورونا

فعلى سبيل المثال؛ قــد تضطــر بعــض الــدول إلى شراء أصــول وشركات خاصــة، ســواء بشــكل مبــاشر أو مــن خــلال شركات قابضــة تابعــة لهــا؛ لتعرض كثير من الشركات الخاصة للإفلاس؛ما يهدد استقرار الاقتصاد الكلي، ويدفع نحو تفاقم أزمات البطالة والفقر.

مقترحات صندوق النقد الدولي

لذلك اقترح صنــدوق النقــد الــدولي، تدخــل الدولــة بإجــراءات تضمــن اســتمرار عمــل القطاعــات الحيوية والضروريــة؛ كقطاع خدمــات الرعايــة الصحيــة، وإنتــاج الغــذاء وتوزيعــه؛ مــا قــد ينطــوي عــلى إجــراءات حكومية لتوفير الإمــدادات الأساســية، اســتنادًا إلى ما أسماه “صلاحيــات وقــت الحــرب” التــي تعطــي أولويــة لإبــرام عقــود حكوميــة توفــر المدخــلات التــي لا غنــى عنهــا والســلع النهائيــة، أو تحويــل الصناعــات إلى احتياجــات بعينهــا، أو إجــراء عمليات تأميم انتقائية.

واقترح الصندوق أيضًا أن تقدم الحكومات دعمًا استثنائيًا للشركات الخاصة، بما في ذلك دعم الأجور، بشروط ملائمة، فإن تفاقمت الأزمة، يمكن إقامة شركات قابضة مملوكة للدولة، أو توسيع القائم منها؛ لتستحوذ على الشركات الخاصة المعسرة؛ مثل ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا أثناء الكساد الكبير.

وينُم هذا المقترح على تغير جوهري في طريقة تفكير صندوق النقد الدولي، مناقض تمامًا لقناعاته وسياسة عمله، التي تنصبعلى الخصخصة كحل لمعظم المشاكل الاقتصادية الهيكلية؛ ما يدل علىأن الأزمة الراهنة تدفع نحو تغيير كثير من المفاهيم والثوابت الاقتصادية العالمية، ليس فقط فيما يتعلق بنموذج العولمة، ولكن أيضًا في مفاهيم أكثر تجذرًا في الفكر الاقتصادي؛ كمفهوم دور الدولة في الاقتصاد.

هناك ضرورة لتدخل الدولة؛ بتبني وتطبيق مفهوم غير تقليدي للتنمية؛ وهو التمويل المستدام كأحد الآليات الاقتصادية؛ ما يُمكّن الدولة من مواجهة التحديات الاقتصادية، والاجتماعية والبيئية، ومواجهة التحديات الكبرى، وإيجاد مسارات مستدامة تدعم الحلول طويلة الأجل، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وجدول أعمال أجندة 2030.

د.إســلام جـــمال الــدين شـــوقي

             خــبير اقــتصادي

عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي

 

 

الرابط المختصر :

التعليقات مغلقة.