التغير المناخي وسيناريوهات التنمية
بسبب الاحتباس الحراري الناتج عن الانبعاثات الغازية والتلوث البيئي، أحدث التغير المناخي اضطرابًا شديدًا في وتيرة الحياة اليومية للشعوب وفي أداء الحكومات.
قد يعجبك..الرقابة المالية: شركات البورصة تعلن تقارير الاستدامة والتغير المناخي لجذب الاستثمارات الخضراء
وتراجعت جهود التنمية وتعطلت البرامج والاستثمارات، مع توقعات بعدم تحسن الأحوال المناخية، أو عودة النشاط الإنساني لسابق عهده، إلا بالقضاء على مسببات التغيرات المناخية.
التغير المناخي
لم تفلح مؤتمرات القمة العالمية في وضع حد للتدهور الحاصل في البيئة الحيوية المحيطة بالإنسان والحيوان والنبات، والذي امتد إلى الإخلال بالتوازن الطبيعي في البيئة؛ بسبب مواصلة تشغيل المصانع بالأسلوب القديم، دون الالتزام باعتبارات المجموعة الدولية للمحافظة على البيئة وصحة الإنسان، والإصرار على تدمير الأرض، وخنق الشعوب لتحقيق مكاسب ضيقة.
كوارث طبيعية
والنتيجة؛ حدوث كوارث طبيعية لظواهر برية وجوية وبحرية، خلَّفت أوضاعًا مأساوية للبشر والشجر والحجر، فقد زال في العديد من الدول معظم ما بناه الإنسان بفعل الزلازل والأعاصير والسيول الجارفة والفيضانات والعواصف الثلجية.
إلى جانب جفاف الأودية والأنهار في فصل الشتاء، والتصحر، وارتفاع درجات الحرارة، ونفوق كثير من الحيوانات، والطيور النادرة.
هذه المظاهر للأسف نتيجة التغير المناخي الذي تسبب فيه الإنسان، والنتيجة الأخيرة تدهور حياة الإنسان نفسه ودخول وجوده دائرة خطر الموت بفعل العطش والجوع والمرض ، إنه الهلاك.
عواقب أنانية السياسات التنموية
كانت حكومات الدول الغنية في الأصل توجه جهودها للتوسع في مسارات التنمية وتنويعها؛ لتحقيق مزيد من رفاهية شعوبها.
وتعزيز جهود التبادل التجاري، وعلاقات التعاون الثنائي مع الدول النامية، لكن ما يحدث في الواقع غير مبشر؛ إذ تعاني الدول المتقدمة من عواقب أنانية سياساتها التنموية.
وأصبحت تجاهد؛ لتجنب شعوبها المترفة الانزلاق إلى دائرة الفقر المائي وقلة الموارد الغذائية، مع عدم قدرتها على الاعتماد على ما توفره الدول النامية لها؛ إذ لا يسعها الانتظار طويلًا.
التقشف المعيشي
ولا تطيق اتباع أسلوب معيشي متقشف مغاير لما ألفوه من أنماط استهلاكية، أو التنازل عن المستوى المعيشي الذي بلغوه بكثير من العمل بعد الحرب العالمية الثانية.
وبذلك أثَّر كلٌ من التغير المناخي، ومشكلة سوء استخدام الموارد الطبيعية، وتدهور البيئة، في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية؛ أي على مختلف مجالات النشاط.
كما أثَّرت في الأبعاد الإنسانية وإضعاف التنمية الاقتصادية.
ولم يعد يوجد بلد في العالم في مأمن من الآثار السلبية للتغير المناخي، على الرغم من تزايد دائرة الفهم من قِبَل دول العالم لمعنى مبادرة الأمم المتحدة التي أطلقتها عام 2015 لإحداث تأثير إيجابي في الوعي الإنساني.
كما يوفر أفضل المسارات للأجيال الحالية والقادمة؛ لمكافحة الفقر، وتحسين حياة البشر في كل مكان.
التزامات المجتمع الدولي
ويبقى الأمل معقودًا على وفاء المجتمع الدولي بالتزاماته في اتفاقية باريس للمناخ عام 2015، بخفض الانبعاثات الصناعية؛ حتى تساعد تكنولوجيا بناء اقتصاد عالمي مستدام، على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تسببت في التغير المناخي وضراوة الظواهر الجوية الكارثية.
مفهوم التنمية المستدامة
إنّ مفهوم التنمية المستدامة، وما اصطلح عليه بالعمل المناخي مرتبطان،؛ فكلاهما ضروري لتحقيق الآخر.
وكلاهما حيوي لرفاهية الشعوب؛ إذ تحتاج التنمية المستدامة إلى توفر عوامل تسهل تحقيقها وظروف ملائمة لتطبيقها على نحو شامل ومستقر يتسم بطول الأجل كالاستقرار المناخي.
التوازن البيئي
من جهة أخرى، لا تستقر الأحوال المناخية في ظل الاضطرابات الشديدة المتتابعة، تحت اسم التنمية الاقتصادية التي في الحقيقة تدمر الحياة البيولوجية، وتُخِل بالتوازن البيئي.
ظروف الإنتاج الصناعي
وتهدد وجود الإنسان؛ وهي تلك المتعلقة بتأثير ظروف الإنتاج الصناعي على سلامة البيئة من مظاهر التلوث البري والبحري والجوي؛ بسبب انتشار أدخنة وغبار المصانع.
علاوة على حرق الوقود الأحفوري في الأجواء، واختلاط النفايات والمواد الكيميائية ومخلفات المصانع والمستشفيات والمياه السامة بمكونات الطبيعة بشكل غير قانوني.
وفي مساحات معظمها تربة يُزرَع فيها الغذاء؛ فتشكل بذلك تهديدًا خطيرًا لحياة الإنسان يلامس حدود الجريمة؛ لأنه يُحدِث تغيرًا سلبيًا يؤثر بشدة على طبيعة البيئة، ويدمر تربتها، ويقضي على الكائنات الحية.
إنقاذ الأرض
وحينها لن يكون هناك مجال للحديث عن التنمية بهدف التطوير أو بغرض التقدم.
وإنما للتفكير في طريقة لإنقاذ الأرض ونجاة الإنسان، بعدما ثبت أن التغير المناخي الناتج عن الاحتباس الحراري قد أثر على الكتل الجليدية بالقطب الشمالي التي أخذت في الذوبان.
يأتي ذلك في الوقت الذي ارتفع فيه منسوب البحار إلى مستوى يُخشى معه غرق أطراف اليابسة والمدن القريبة من الشواطئ.
الهشاشة الأمنية
وتثير آثار التغير المناخي مفهوم الهشاشة الأمنية بالحديث الحائر الذي يخشى ضعف الأمن المستدام، خاصةً في دول منطقة الساحل الإفريقي؛ حيث دفع الجفاف بالآلاف من السكان للرحيل.
وترك السكان مناطق عيشهم في موجات هجرة جماعية سرية متلاحقة نحو بلدان أخرى مجاورة، متجاوزوين حدودها بطرق غير شرعية مُحدِثين وضعًا أمنيًا استثنائيًا، جعل السلطات الوطنية تخلط بين بين احترام ظروف اللاجئين.
إلى جانب احترام حقوق المهاجرين المقيمين، وبين المتسللين عبر الحدود والمتواجدين بشكل غير قانوني.
وعليه، اضطربت العلاقة بين المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان، وبين الحكومات الوطنية حول كيفية التعامل القانوني مع هؤلاء الأشخاص المقدرين بالآلاف.
وضع اجتماعي مستعصٍ
لقد رغبت دول أوروبية وفي أمريكا الشمالية وأستراليا في جلب مزيد من المهاجرين السريين للعمل، ولكن الأمر بالنسبة للدول النامية التي تعاني أصلًا من البطالة سيكون صعبًا ومعقدًا حيث تتضاعف الأعباء.
ويزيد حجم الأزمات، وتتعدد المشاكل الاقتصادية؛ بسبب أوضاع تشكَّلت في غفلة من السلطات داخل البلاد سرًا.
ثم برزت لتفرض نفسها فجأة كواقع إنساني سيء، ووضع اجتماعي مستعصٍ.
التنمية المستدامة
تشمل التنمية المستدامة تطوير أدوات رعاية صحة الإنسان ووسائل وقايته من الأمراض وسبل مكافحة الأوبئة.
وبديهي أن تكون مظاهر التلوث المهدِّدة لصحة الإنسان على رأس أولويات التنمية كمطلب أساسي، بعدما كشفت الحقائق عن حجم خطورته في الإصابة بأمراض خطيرة؛ مثل السكتة الدماغية.
وأمراض القلب، وسرطان الرئة، وأمراض الجهاز التنفسي.
وتقتضي الضرورة وضع سياسات عاجلة، وتخصيص استثمارات داعمة؛ لصنع وسائل نقل تعتمد على الطاقة النظيفة كالسيارات العاملة بالكهرباء.
واستخدام الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء، وتحسين إدارة التخلص من النفايات للحد من تلوث الهواء.
مقالات ذات صلة:
دول مجموعة العشرين G20: سنتخذ إجراءات فعالية لمواجهة التغيرات المناخية
«الرقابة المالية» تطالب شركات البورصة بتقارير إفصاح جديدة عن أثر التغيرات المناخية
صبحة بغورة
التعليقات مغلقة.