الحلقة المفقودة يا وزير الصناعة

أتذكر جيدًا الأسبوع الأول من ابتعاثي لدولة كندا قبل 15 عامًا، واندهاشي حينما اكتشفت في السوبر ماركت أن مايزيد عن 90% من المنتجات المعروضة محلية الصنع.
من يقرع الجرس يا لجنة الإعلام والتوعية المصرفية؟
وخلال كلمته بالمؤتمر الوطني للجودة أكد معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف؛ النشيط:” أن المملكة عازمة على بناء قاعدة اقتصادية قوية تسهم بشكل كبير في تغطية الاستهلاك المحلي، وتعزيز تنافسية الصناعة المحلية عالميًا، وزيادة الصادرات السعودية الغير نفطية إلى مختلف الأسواق العالمية.
كيف تواجه الاقتصادات العالمية غول التضخم
واتمنى من معالي الوزير وضع نقطتين مهمتين كحجر زاوية لبناء اقتصاد قوي وهما كما يلي:
- توفر سلاسل الإمداد المحلية ذات الجودة العالية بأسعار تنافسية
2- إنشاء مراكز أبحاث وربطها مع مختلف الصناعات، بالتعاون مع الجامعات السعودية، بحيث يكون لكل جامعة مركز أبحاث، ويكون تركيزها مُنصّب على صناعة معينة، وهذا هو عنوان المقالة بالتركيز على دور مراكز الأبحاث في تطويرالصناعة وصناعة السيارات الكندية هي أكبر مثال على ذلك.
هالني تطّور تطور صناعة السيارات الكندية حتى أصبحت من أكبر القطاعات الصناعية وصناعة قائمة بجودة عالمية، وتمكنت من إنتاج 1.9 مليون سيارة سنوياً في عام 2019، كما وفّرت البلاد مايزيد عن 125,000 وظيفة مباشرة و 400,000 وظيفة غير مباشرة .
لمحة عن بدايات صناعة السيارات بكندا
جاءت بداية صناعة السيارات في كندا عبر محاولاتٍ فردية لم يكتب لها النجاح حتى عام 1909؛ نظراً لقرب مدينة ديترويت الأمريكية معقل صناعة السيارات الأمريكية من كندا؛ ما كان له كبير الأثر من إقناع شركة فورد بتجميع السيارات في مدينة (ولاية ويندسور).
في أعقاب الحرب العالمية الأولى كانت هناك طفرة اقتصادية أدت إلى انتعاش صناعة السيارات، بعد ذلك تم تركيز الإنتاج على السيارات العسكرية؛ لمواكبة الطلب العالي عليها خلال الحرب العالمية الثانية.
سجّلت صناعة السيارات انتعاشة في أعقاب الحرب العالمية الثانية؛ لتسجّل طفرة بالإنتاج والتصدير، ولكن الطريق لم يكن مفروشًا بالورود، وشهدت فترة الستينيات بعض العراقيل والنزاعات التجارية مع أمريكا، أدت لتوقيع اتفاقية مع أمريكا في عام 1965 وتم التركيز في هذه الإتفاقية على تسهيل تصنيع وبيع بين البلدين.
وفي فترة الثمانينات ومع بداية صعود السيارات اليابانية وتسيدها صناعة السيارات العالمية وتربعها على عرش هذه الصناعة؛ نظرًا لجودتها وتطورها التكنولوجي، وقوة آدائها ومتانتها تم الاتفاق مع مصنعي السيارات اليابانية على تقديم تسهيلات للشركات اليابانية، وإنشاء مصانع لها في كندا.
لم تصل صناعة السيارات إلى هذه المستويات من التطور؛ إلا بسبب تكامل الأنظمة وتهيئة البنية التحتية؛ لنجاح هذه الصناعة: نظام ضريبي، نظام جمركي، اتفاقيات دولية، صندوق استثمار حكومي للاستثمار في المشاريع المشتركة بين مصنعي السيارات ومراكز الأبحاث.
نظام ضريبي: مصنعي السيارات المحليين يتم تقديم إعفاءات جمركية لهم على الأجهزة والمعدات الخاصة بهم. إسترداد المبالغ الخاصة بعمل أبحاث في مجل صناعة السيارات وكذلك تقديم خصومات كبيرة.
نظام جمركي: الحمائية على السيارات المستوردة تبلغ 35%.
اتفاقيات دولية: تم توقيع العديد من إلإتفاقيات التجارية لتسهيل وصول السيارات مع البلدان الموقعة مثل (CETA) (CUMSA) (Canada-UK TCA).
صندوق حكومي للاستثمار: يقوم هذا الصندوق بتسهيل وتسريع الاستثمار، وتوفير رؤوس الأموال في المشاريع المشتركة بين مصانع السيارات ومراكز الأبحاث في التقنيات المتقدمة مثل القيادة الذاتية والسيارات الكهربائية.
ولكن بنظري مراكز الأبحاث وتعتبر هي رأس الحربة في هذه الصناعة والمحرك الأساسي لها لأنها قائمة على التطوير والبحث والابتكار، من أهم وأشهر مراكز الأبحاث هو مركز واتر لو لأبحاث السيارات التابع لجامعة واتر لو، ويقوم هذا المركز بالأبحاث على عدة قطاعات في صناعة السيارات:
1-القيادة الذاتية والتواصل التقني.
2-العمل هلى تخفيف وزن وحمل السيارة.
3-تطوير النحركات وتقليل الإنبعاثات الكربونية.
4-تحسين الأنظمة التقنية والمعلومات.
5-تعزيز جودة هيكل السيارات وأنظمة السلامة.
ومن أهداف مركز الأبحاث، ربط الطلاب مع مصانع السيارات، وتنظيم تدريب صيفي لهم؛ بالتنسيق مع مصنعي السيارات، وتوفير الوظائف لهم بعد التخرج.
كذلك إقامة المؤتمرات والمعارض وورش العمل؛ للتباحث وتبادل الأفكار ونقل الخبرات بين الصناعة ومراكز الأبحاث.
وعلى الرغم من إعجابي الشديد بالشعب الكندي، أدعو الحكومة الكندية؛ لمراجعة مواقفها تجاه المملكة العربية السعودية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، واحترام خصوصياتها عبر محاولات جادة وعملية، وعمل ديبلوماسي نشط؛ لتعزيز العلاقة مع السعودية، ومحاولة إعادتها لسابق عهدها.
طارق سليمان السعيد
التعليقات مغلقة.