خاص| سؤال وجواب.. دوافع وتداعيات الرسوم الجمركية الأمريكية على الدول النامية
يثير قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فرض الرسوم الجمركية الجديدة، على واردات بلاده من مختلف الدول، بنسب تصاعدية بدءًا من 10%، تساؤلات حول الأسباب وراء استهداف عديد من الدول النامية، رغم أنها لا تمثل رقمًا كبيرًا في الميزان التجاري الأمريكي.
وفرضت إدارة “ترامب” رسومًا جمركية مرتفعة على عدة دول، بينها كمبوديا (97%)، ولاوس (95%)، ومدغشقر (93%).
ما قائمة الدول الأكثر تضررًا من الرسوم الأمريكية؟
وتشمل القائمة الدول النامية التي فرضت عليها الولايات المتحدة رسومًا جمركية مرتفعة:
- كمبوديا: 97%.
- لاوس: 95%.
- مدغشقر: 93%.
- بنغلاديش: 89%.
- ميانمار: 87%.
- سريلانكا: 85%.
لماذا تباينت الضرائب التي فرضها ترامب بشكل كبير بين الدول؟
وتكمن الإجابة على هذا السؤال، بحسب الباحث المتخصص في الشؤون الاقتصادية؛ محمد صادق أبو زيد، في مفهوم “المعاملة بالمثل”.
وأضاف “أبو زيد”، في تصريحات خاصة لـ”الاقتصاد اليوم”، أن الإجابة بعبارة أكثر دقة: “فرض رسوم جمركية متبادلة”.
وأوضح أن الولايات المتحدة تطبق رسومًا على الدول التي تفرض عليها رسومًا مماثلة.
وأوضح على سبيل المثال:
- تفرض كمبوديا رسومًا جمركية، بنسبة 97% على السلع الأمريكية.
- ردت الولايات المتحدة بفرض رسوم، بنسبة 49% على السلع الكمبودية، أي ما يعادل نصف النسبة الأصلية.
- تفرض جنوب إفريقيا بالمثل، رسومًا جمركية، بنسبة 60% على السلع الأمريكية. في حين يأتي الرد الأمريكي بفرض رسوم بنسبة 30% على الواردات الجنوب إفريقية.
ومنطلقًا من هذا الطرح، أوضح “أبو زيد” أن الولايات المتحدة طبقت هذا النهج على معظم الدول. حيث كان الحد الأدنى للرسوم 10%، بينما خضعت السيارات المستوردة لرسوم خاصة بلغت 25% إذا كانت مصنعة خارج الولايات المتحدة.
وحول أهداف هذه الرسوم، يعتقد “أبو زيد” أنها ليست كما يدعي “ترامب” تهدف لتحقيق توازن في الميزان التجاري. وإنما تسعى إلى إعادة تشكيل النظام التجاري العالمي.
وحذر في الوقت نفسه، من أن هذه السياسة قد تؤدي إلى إنهاء دور منظمة التجارة العالمية. التي أسستها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بعد الحرب العالمية الثانية.
ويشير “أبو زيد” عن تأثير هذه السياسة في الدول المتضررة، إلى أنها تتمثل في ارتفاع أسعار منتجاتها داخل السوق الأمريكية. معتقدًا أن ذلك يضعف قدرتها التنافسية مقارنة بسلع أخرى قد تكون أرخص، حتى وإن لم تكن أمريكية المنشأ.
وبالتالي، لن تحقق هذه السياسة هدفها الأساس، وهو إعادة جذب الصناعات إلى الولايات المتحدة. لأن الدول المتضررة سترد بإجراءات مضادة، وفق “أبو زيد”.
ما الدوافع الأمريكية من فرض الرسوم الجمركية؟
رغم ضعف التبادل التجاري بين الولايات المتحدة وهذه الدول، هناك عدة أسباب دفعت الإدارة الأمريكية لفرض هذه الرسوم الجمركية المرتفعة.
في هذا الصدد عزا ربيع أبو زامل؛ الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، الدوافع الأمريكية إلى:
- التنافس مع الصين:
وأوضح “أبو زامل” أن هذه الدول تعتمد على سلاسل توريد مرتبطة بالصين. حيث تستخدم كوجهات تصنيع بديلة لتفادي الرسوم الجمركية المفروضة على بكين.
وأشار في تصريحات خاصة لـ”الاقتصاد اليوم”، إلى أن فرض الرسوم على هذه الدول كان يهدف إلى سد أي ثغرات تجارية. قد تستغلها الشركات الصينية.
- الدوافع السياسية:
وذكر “أبو زامل”، أن بعض هذه الدول لديها علاقات اقتصادية وثيقة مع الصين. وفرض الضرائب قد يكون جزءًا من الضغط الأمريكي، على الدول التي تعزز نفوذ بكين في آسيا وإفريقيا.
- التوازن في الميزان التجاري:
وفيما يرى الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، هذه الدول لا تمثل رقمًا كبيرًا في التجارة مع الولايات المتحدة. يعتقد أن فرض الرسوم قد يساعد على حماية الصناعة المحلية من استيراد سلع رخيصة بأسعار منافسة.
- العمالة الرخيصة وانتهاكات حقوق الإنسان
كما تطرق “أبو زامل” إلى تبريرات الإدارة الأمريكية في فرض هذه الرسوم. وأشار إلى مخاوف متعلقة بظروف العمل السيئة، كما هو الحال في قطاع النسيج بكمبوديا وبنغلاديش.
ما أبرز التأثيرات المحتملة في البلدان النامية؟
وفي هذا الصدد، يطرح “أبو زامل”، جملة من التداعيات والتأثيرات المحتملة نتيجة هذه السياسة التجارية الجديدة، منها:
- انخفاض الصادرات
تواجه هذه الدول صعوبة في تصدير سلعها إلى السوق الأمريكية، بسبب ارتفاع تكاليف الجمارك.
- تحولات اقتصادية
قد تبحث بعض الشركات عن أسواق بديلة، مثل الاتحاد الأوروبي أو الدول الآسيوية؛ لتجنب الخسائر.
- اضطرابات اجتماعية
وتعتمد نسبة كبيرة من السكان في بعض الدول، مثل: مدغشقر وكمبوديا، على الصادرات إلى أمريكا؛ ما قد يؤدي إلى فقدان وظائف وزيادة معدلات الفقر.
وتعكس هذه السياسات التجارية رؤية “ترامب” الاقتصادية القائمة على “أمريكا أولًا”. حيث اتخذ قرارات لا تستهدف الدول الكبرى فقط، ولكن أيضًا الاقتصادات النامية التي تلعب دورًا غير مباشر في النظام التجاري العالمي.
التعليقات مغلقة.