مفهوم إدارة الجودة الشاملة
أحدثت ثورة القطاع الصناعي في العالم، عدة مفاهيم مرتبطة بتنمية وتطوير النشاط الصناعي بشكل عام، في ظل اقتصاد عالمي جديد يقوم على التنافس المحموم لتقديم مزيد من أفضل المنتجات وأرقى الخدمات.
صبحة بغورة تكتب.. عـالم المبيعات
الجودة الشاملة
ومع بروز معاناة الحكومات في توفير الموارد المالية مع الأزمات العالمية المتتالية، جرى الاتجاه إلى تشجيع العاملين على رفع مستوى أدائهم، وتحسين نوعية منتجاتهم، وزيادة الإنتاج مع الارتقاء بالجودة؛ فيمايُعرف بـ” إدارة الجودة الشاملة”.
البصمات الاقتصادية في الحسابات السياسية ومنطق العلاقات الدولية
وإدارة الجودة الشاملة طريقة حديثة، تعني توجه إداري مشترك بين كل العاملين؛ لتوفير عوامل تسهيل تسويق المنتجات بما يرضي العملاء، وترتكز على جعل مفهوم الجودة في الإنتاج والخدمات، ثقافة سائدة في مواقع العمل؛ من خلال المشاركة الشاملة في مراحل وخطوات العمل.
ولذلك ينبغي في البداية أن تتكيف طبيعة وسيرة منظومة العمل بما يتفق مع مفهوم الجودة، ومع أسلوب التحرر من المركزية، وأن تكون قنوات الاتصال مع جميع العاملين متاحة ومفتوحة على أوسع نطاق بحيث تصل التوجيهات وتشريعات العمل وأساليب الممارسات إلى الجميع على كافة المستويات.
ومن الطبيعي أن تقوم الفلسفة الإدارية للمؤسسات الإنتاجية على تلبية احتياجات المستهلك النهائي؛ فوسيلة المؤسسة لتطوير قدراتها ترتكز على فاعلية ومرونة نظامها الإداري في ترشيد العمل وحسن استشراف ما تتطلبه طبيعة العمل المستقبلية من مقاييس محددة تحقق أعلى مستويات الجودة؛لإشباع رغبات العملاء.
لقد تمكنت الدول المتقدمة صناعيًا من تحقيق التحسين المتواصل سواء في جودة السلع المنتجة أو في مستوى الخدمات؛ بفضل القدرة الفائقة على توظيف القدرة العقلية والطاقة البشرية في أداء مهمة تحسين جودة البضائع، وتطوير الخدمات التي تتعلق بها؛ لأن تحسين الجودة يتطلب عملًا منتجًا وصبرًا وجهدًا لتحقيق التقدم.
وتعتمد البداية غالبًا على التعامل مع أدق التفاصيل؛ بحسن استغلال تراكم مئات التحسينات الصغيرة لتوفير القوة والكفاية، خاصة في مجال صناعة السيارات والإلكترونيات؛ ما جعل هذا الاستغلال عنصرًا اقتصاديًا متكاملًا لتحقيق الجودة التي تضمن بقاء المؤسسة في سوق المنافسة.
ويلخص المعهد الأمريكي للجودة، إدارة الجودة الشاملة في أنها نظام إداري لمنظمة إنتاجية أو خدمية تركز على متطلبات عملائها، يقوم على عمل جميع العاملين لتأمين التحسين المستمر؛ وذلك باستخدام استراتيجيات ومعطيات وطرق تواصل فعالة لدمج وتكامل اختصاص الجودة في ثقافة ونشاط المؤسسة.
ومن أهم عناصر إدارة الجودة الشاملة، تحديد العميل مستوى الجودة التي يرغبها في المنتج الذي سيقتنيه؛ لذا وجب على المؤسسة القيام بدمج اعتبار الجودة وفق المستوى المطلوب في عمليات التصميم، والتزام جميع المسؤولين والموظفين الإداريين والفنيين والعاملين بتحقيق الأهداف المشتركة، وتأمين الإدارةِ بيئةَ العمل المناسبة، ووضع أنظمة عمل متطورة ذات أداء عالي في خدمة دمج جهود التحسين ضمن العمليات العادية، واعتماد آلية اتخاذ القرارات بناء على حقائق ميدانية وموضوعية، وأن تمثل مهمة التحسين المستمر للمنتجات توجهًا منهجيًا استراتيجيًا يخضع لنظام متكامل، يحقق التنسيق والانسجام والفاعلية.
ولإدارة الجودة الشاملة فوائد هائلة؛ منها الحرص على تحقيق رضا المستهلك النهائي؛ ما يحتم عليها تجديد العمليات الإنتاجية، وتحديث وسائل العمل بما يحافظ على وتيرة نشاطها واستمراره، وفتح المجال لزيادة أرباحها، وتشجيع العمل الجماعي، ورفع مستوى المهارات الفنية للعاملين، وزيادة خبراتهم العملية،وتحسين وسائل التواصل بين العاملين؛ لحل مشاكلهم سريعًا، وزيادة الفاعلية التنظيمية ومستوى الأداء الوظيفي؛ ما يجعل المؤسسة مؤهلة للاعتراف الدولي وحصولها على شهادة الأيزوISO.
تقنيات إدارة الجودة الشاملة
هناك عدة تقنيات يمكن اعتمادها عند تطبيق إدارة الجودة الشاملة؛ منها:
ــ تفويض السُّلطة: بنقل جزء من السُّلطة إلى العاملين؛ لإنجاز العمل، ومحاسبة المقصرين.
ــ الإدارة بالنتائج أو بالأهداف: وذلك بقياس الأداء دوريًا؛ ما يسهم في تحسين الأداء.
ــ تطوير المديرين:والحديث هنا عن تطوير المديرين وليس العاملين؛ فذلك يجعل الجودة الشاملة أفضل؛ كون عدم تطوير القيادات الإدارية يؤدّي إلى ترسيخ عادات غير بنّاء؛ ما قد يُهدِّد فلسفة إدارة الجودة الشاملة في المُنظَّمة؛ مثل استخدام أسلوب الاستبداد الذي يؤثِّرفي أداء العاملين سلبيًا.
ــ الابتكار: ويعني الإبداع والمبادرة باقتراح أفكار مُتميِّزة بهدف حلّ المشاكل التي تواجه المُنظَّمة، أو تحقيق الأهداف المنشودة؛ ما يتطلّب استبعاد الوسائل القديمة، لصالح وسائل أخرى مُبتكَرة.
ــ احترام الأفكار: وذلك بمناقشتها للخروج بما هو أفضل.
ــ تشكيل فِرَق عمل: عندما تكون الروح المعنويّة الجماعيّة مرتفعة، تتحسن نوعيّة القرارات المُتّخَذة، وتحسين التواصل بين الأفراد.
ويجب أن يتَّصف كل قائد بالشخصيّة القياديّة الذي يتميز باحترام الرأي الآخر، والمقدرة على الإبداع، والتعاون، واليقظة، والالتزام، وما إلى ذلك من صفات قياديّة.
التعليقات مغلقة.