شهدت أسعار العقود الآجلة للنحاس يوم الجمعة ارتفاعًا حادًا، متجاوزة مستوى 4.9 دولار للرطل في بورصة كومكس الأمريكية، وهو أعلى مستوى يتم تسجيله خلال شهرين كاملين. وسط تصاعد المخاوف من اضطرابات سلاسل الإمداد العالمية التي بدأت تؤثر على الأسواق بشكل متزايد.
وجاء هذا الارتفاع بدعم من أزمات إنتاج متتالية في أبرز مناطق التعدين عالميًا، الأمر الذي زاد التوقعات بحدوث فجوة متنامية في المعروض خلال الأعوام المقبلة، حسب شبكة CNN.
أزمات إنتاج حادة
كما تفاقمت أزمة الإمدادات عقب حادث تدفق طيني في منجم غراسبرغ الإندونيسي، الذي يعد ثاني أكبر منجم للنحاس عالميًا وتديره شركة فريبورت-ماكموران الأمريكية.
كما أدى الحادث إلى توقف كامل في العمليات الإنتاجية. فيما تشير التقديرات الأولية إلى أن عودة النشاط بكامل طاقته لن تتحقق قبل مطلع عام 2027. وهو ما دفع الشركة إلى خفض توقعات مبيعاتها لعام 2026 بنسبة 35%. ما زاد المخاوف من نقص عالمي محتمل في السنوات المقبلة.
ضربة قوية من تشيلي
في غضون ذلك، واجهت تشيلي، التي تُعد أكبر منتج للنحاس في العالم. ضربة قوية في قطاعها التعديني بعد أن انخفض الإنتاج بنسبة 10% في أغسطس على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع يسجل منذ عام 2023.
كما يعود السبب إلى الزلزال الذي ضرب البلاد أواخر يوليو وأجبر شركة كوديلكو الحكومية على تعليق عملياتها في موقع إل تينينتي، وهو أحد أبرز مواقع إنتاج النحاس الحيوية في العالم، ما ساهم في تضييق المعروض المتاح في الأسواق الدولية.
تباين في التوقعات
ورغم هذه الأزمات التي تشير إلى شح متزايد في الإمدادات العالمية، يرى محللون أن السوق قد يشهد فائضًا قصير الأجل. مستندين إلى ارتفاع إنتاج النحاس المكرر في الصين وزيادة الإمدادات القادمة من جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ومع ذلك، تبقى النظرة طويلة الأجل إيجابية للغاية، خاصة مع النمو المستمر في الطلب المرتبط بقطاع الطاقة النظيفة. والزيادة الكبيرة في الاستثمارات المتعلقة بشبكات الكهرباء والبنية التحتية الصناعية في الأسواق الناشئة، وفي مقدمتها الصين والهند.
وبذلك يواصل النحاس تعزيز موقعه كأحد أهم السلع الاستراتيجية عالميًا. مدعومًا بمزيج من الأزمات المفاجئة في جانب العرض والتوقعات المتفائلة حول الطلب المستقبلي. الأمر الذي يجعله محورًا رئيسيًا في مشهد الاقتصاد العالمي.
