نظرة تأسيسية على إدارة سلاسل الإمداد
أوضح الدكتور موسى صالح الحداد؛ مستشار سلاسل الإمداد والجودة الشاملة، أنه مع تحول الأسواق من الإقليمية إلى العالمية واشتداد المنافسة بينهما، فلا عجب أن تعيش الأسواق تحديًا في وصول منتج أوخدمة ما إلى المكان المناسب في الوقت المناسب وبأقل تكلفة ممكنة؛ لذا تدرك المنظمات الحاجة إلى التحول من الإدارة التقليدية إلى الإدارة الحديثة لسلسة الإمداد في خطوة استباقية لتحسين أوضاعها واستمراريتها.
وأشار الحداد إلى أن من المثبت أن تخلق ممارسات إدارة سلسلة الإمداد قيمة مضافة وميزة تنافسية عالية وتحسين الأداء التنظيمي للشركات. تتكون سلسلة التوريد من جميع المراحل المطلوبة لتلبية طلب العميل، بدءا من المورد مرورًا بالتصنيع والتوزيع وتاجر التجزئة وصولا إلى العميل. وهذ ما يجعل التنسيق بين أعضاء سلسلة الإمداد مطلبًا ملحّا لنجاح إدارة سلسلة الإمداد.
تم الإشارة إلى مصطلح سلاسل الإمداد في أوائل الثمانينيات وقد اكتسب هذا المصطلح اهتمامًا كبيرًا من المختصين لاحقًا. وتعرف سلاسل الإمداد على أنها تتابع من المنظمات – تسهيلات ووظائف وأنشطة تلك المنظمات – والتي يتم تضمينها فى الإنتاج والتسليم للمنتج أو الخدمة، حيث يبدأ التتابع مع الموردين الرئيسيين للمواد الخام ويمتد نطاقه في كل الطرق وحتى العميل النهائي.
– تشمل التسهيلات: المخازن، والمصانع، ومراكز التشغيل، ومراكز التوزيع، ومكاتب التجارة والتوكيلات.
– تشمل الوظائف والأنشطة: التنبؤ، والشراء، وإدارة المخزون، وإدارة المعلومات، وتأكيد الجودة، والجدولة، والإنتاج، والتوزيع، والتسليم، وأخيراً خدمة العميل.
يتم استخدام مصطلح سلاسل الإمداد لشرح تخطيط ومراقبة تدفق المواد والمعلومات، بالإضافة إلى الأنشطة اللوجستية، ليس فقط داخليا (مع شركة) ولكن أيضا خارجيًا بين الشركات.
كما يتم استخدام مصطلح “سلسلة التوريد” للإشارة إلى سلسلة الارتباط – التي تربط كل عنصر من عناصر عملية الإنتاج والتوريد، من المواد الخام إلى العميل النهائي. وعادةً ما تعد هذه السلسلة حدودًا تنظيمية متعددة، وتتكون هذه السلسة من تدفقات المواد والمنتجات من خلال عمليات الإنتاج والتوزيع المختلفة في اتجاه واحد وتدفقات المعلومات لتوفير آليات التحكم، ومعظمها في الاتجاه الآخر.
وقد عرف معهد إدارة التكلفة “Institute of Management Accounting” سلاسل التوريد على إنها عملية إدارة تدفق المواد والمنتجات التامة من الموردين إلى المستهلكين وذلك من خلال سلسلة من أنشطة التصنع والتخزين والتوزيع.
من كل ما سبق يتضح لنا أن هناك تدفقات أساسية تحكم سلسلة الإمداد وهي:
• تدفقات المواد الخام والشبة المصنعة أو تامة التصنيع من الموردين إلى العملاء.
• تدفقات المعلومات بين جميع الأطراف الفاعلة.
• تدفقات الأموال بين جميع الأطراف الفاعلة.
كما يشمل التعريف عدد من الأنشطة الرئيسة المكونة لسلسلة الإمداد، منها:
التنبؤ، الشراء، إدارة المخزون، إدارة المعلومات، تأكيد الجودة، والجدولة، والإنتاج، والتوزيع، والتسليم، وأخيراً خدمة العميل.
ولإتمام هذه الأنشطة بفاعلية لا بد من توفير التسهيلات اللازمة، منها:
المخازن، والمصانع، ومراكز التشغيل، ومراكز التوزيع، ومكاتب التجارة، والتوكيلات.
لا تقتصر فوائد سلاسل الإمداد على الشركة المصنعة أو الشركة مقدمة الخدمة، بل تشمل كل ذوي العلاقة في العملية التجارية. وتشمل هذه الفوائد: ضبط التكلفة التشغيلية، وتقليل وقت أداء العمل، ووسرعة الاستجابة، وتحسين خدمات العملاء، ورفع الربحية. كل هذا يؤدي إلى تحسين الأداء الوظيفي والتنظيمي للشركة. كما أنها تحقق الأهداف قصيرة المدى المتمثلة في زيادة الإنتاجية وتقليل وقت دورة المخزون، في حين أن الهدف طويل الأجل هو زيادة رضا العملاء وزيادة الحصة السوقية. باختصار، يمكن القول إن إدارة سلسلة الإمداد تعطي قيمة رائعة لأي شركة في التخطيط السلس، وتنفيذ المهام لتحقيق النجاح على المدى الطويل والتمتع بميزة تنافسية فريدة.
ويشير الحداد إلى أن أهم مرتكزين تنبأ بنجاح سلسلة الإمداد هما مستوى الربحية ومستوى رضا العملاء. ولتحقيق هذين الهدفين، على الشركات النظر في المبادىء السبعة لسلاسل الإمداد.
المبدأ الأول: تقسيم العملاء إلى شرائح.
المبدأ الثاني: إعداد شبكة نظم الإمداد وفقا لاحتياجات الخدمة ووفقا لربحية شرائح العملاء.
المبدأ الثالث: إدراك إشارات السوق، وتخطيط الطلب بصورة متطابقة.
المبدأ الرابع: تحقيق التميز في المنتج.
المبدأ الخامس: إدارة مصدر السلسلة بصورة استراتيجية.
المبدأ السادس: تطوير سلسلة التوريد.
المبدأ السابع: تبني مقاييس الأداء.
إن إدارة هذه المبادىء على مستوى الإدارة العليا وبالتعاون مع الشركاء سوف تؤدي النتيجة إلى تحقيق الأهداف الإستراتيجية العليا.
ومع تطور موضوع سلاسل الإمداد، أصبح رؤساء الشركات بين معضلة مواءمة إستراتيجية المنظمة العليا وبين إسراتيجية سلاسل الإمداد، إذ أن الإستراتيجية العليا للمنظمة تهتم بالتنسيق بين الوظائف العملاتية لزيادة التنسيق بينها، بينما إستراتيجية سلاسل الإمداد تهتم بالتنسيق بين شركاء المنظمة داخل سلسلة الإمداد، سواء على مستوى العملاء أو الموردين. وهذا ناتج من أن التنافس أصبح بين سلسلة إمداد وأخرى وليس بين شركة وأخرى.
وتعرف إستراتيجية سلسلة الإمداد بأنها” مجموعة من الأهداف ذات الأولوية لإدارة سلسلة الإمداد، وطرق قياسها، بهدف بناء وتمويل النجاح اللوجستي المحتمل من جانب الدخول لأسواق جديدة، وخفض تكاليف الاستثمار الرأسمالية، وخفض التكاليف اللوجستية، والتي ستؤثر إيجاباً في الأداء المؤسسي، كما تعرف بأنها “مجموعة من الأهداف التي تسعى المنظمة لتحقيقها من خلال قرارات سلسلة التوريد” أو مجموعة من الطرق والأساليب الرامية إلى تحقيق التكامل بين الموردين، والتصنيع، والمستودعات، والمخازن لإنتاج سلعة ما وتوزيعها بالكمية المطلوبة، وفي الموقع المناسب، وبالوقت الملائم، بهدف خفض التكاليف ضمن مستوى الخدمة المطلوبة”.
حددت الدراسات في هذا السياق إن إستراتجية سلسلة الإمداد تقاس بمدى تلبيتها لمتطلبات العملاء، وتتكون من إستراتيجية الاستجابة وإستراتيجية الكفاءة. وتأتي هذه التقسيمات بناء على طبيعية بيئة الأعمال وتغير احتياجات العملاء، لذا من الجدارة بمكان فهم هذين المتغيرين.
وتعنى الأولى بعرض مستوى واسع من الخدمات أو المنتجات مع الإستجابة السريعة لطلب الزبائن استيعاب التغيرات في الأسواق. أحد الخيارات للاستجابة السريعة للعملاء زيادة مستويات المخزون في جميع صوره ( مواد خام- منتوجات شبه مصنعه- منتوجات تامة الصنع)، وذلك لأتاحة مرونه أكبر لتلبية متطلبات العملاء والتغيرات المفاجئة. مثل هذه السياسة تقلل من كفاءة سلسلة التوريد لزيادة كلفتها سواءاً من تكلفة المخزون أو زيادة رأس المال العامل. تصلح إسراتيجية الاستجابة في الأسواق ذات المنتجات قصيرة العمر كأسواق الموضة والإلكترونيات والمنتوجات المبتكرة والتي تعد الاستجابة للعملاء ركن أساسي لكسب السوق.
في المقابل هناك إستراتيجية الكفاءة التي تعنى بتقليل كلفة سلسلة الإمداد. وهذا يتطلب الاحتفاظ بمخزون قليل مما يؤدي إلى تخفيض تكلفة المخزون وتخفيض حجم المخزون الداخل ضمن رأس المال العامل. هذه الإستراتيجية تتلاءم مع المنتجات الوظيفية ذات الطلب المستقر القابل للتنبؤ والفترة الزمنية الطويلة.
كلا الإستراتجيتين تهدفان إلى تلبية العملاء وكسب السوق، لذا على الشركة المواءمة بين كلتا الإستراتجيتين والعمل على اختيار إحداهما بما يعكس رغبة العملاء.
لا تقتصر الاستفادة من تطبيقات وإستراتجيات سلسلة الإمداد للشركات الكبيرة، بل أثبتت الدراسات والبحوث إن الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال يمكنها الاستفادة بالقدر ذاته من منافع سلاسل الإمداد. فالشركات الكبيرة تعتمد اعتماداً كبيراً في أداء أعمالها على الشركات الصغيرة والمتوسطة.
مثل هذه الشركات تساهم في خلق القيمة المضافة للمنتج أو الخدمة، فهي توفر المواد الخام، وتنتج المنتجات، وتوزع السلع التامة الصنع على العملاء. فهي ومن خلال هذه الجهود لها تأثير كبير على عمليات سلسلة الإمداد للشركات الكبرى. لقد أدركت الشركات الكبيرة بمثل هذا الثأثير، فسعت إلى العمل مع الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى إدراج الكثير من أساليب ومنهجيات سلاسل الإمداد من ضمن إسراتيجيات عمل رواد الأعمال.
ويؤكد الحداد بأن الكثير من المنافع التي يمكن أن تجنيها الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال تتكون من فوائد ملموسة وغير ملموسة. وتشمل الفوائد الملموسة تقصير دورة حياة تطوير المنتج، وزيادة الاستجابة للطلبات في الوقت المحدد، وخفض تكاليف الإنتاج، وتحسين الجودة، وتحسين إدارة المخزون.
ومن ناحية أخرى، تشمل الفوائد غير الملموسة تحسين جودة الخدمة، والاستجابة الأسرع لاحتياجات العملاء، وتبادل المعلومات، وتوفير المعلومات بدقة، وفي الوقت المناسب وبشكل متسق.
مقال شامل وسلس، واضح العبارة في الوصول إلى المعنى المراد، كما يمكن توظيف بعض مضامين في الحياة العامة.
فهو مقال تخصصي ثقافي