سويتشيرو هوندا.. من الريف الياباني لعرش صناعة السيارات
«من يولد فقيرًا، يموت فقيرًا» مقولة استطاع رواد الأعمال إثبات خطأها، وتسلحوا بعزيمة لاتلين، وشغف لاينصب؛ فحفروا أسماءهم في عالم ريادة الأعمال بأحرف من نور، واستحقوا عن جدارة، أن تروى قصص نجاحهم؛ ليستفيد منها كل من يراوده حلم دخول عالم ريادة الأعمال.
وعلى درب العظماء سار الياباني، سويتشيرو هوندا في رحلته بعالم ريادة الأعمال، منطلقًا من تحت الصفر؛ ليصل في النهاية إلى تشييد شركة تُعد واحدة من عمالقة صناعة السيارات والدراجات النارية في العالم، فكيف كانت بدايته؟
طفل مختلف:
ولد سويتشيرو هوندا في العام 1908 بمقاطعة هماماتسو، لأسرة فقيرة للغاية، ووالد يعمل بإصلاح الدراجات الهوائية، حتى أن بعض إخوته كانوا يتعرضون للموت جوعًا؛ بسبب نقص الغذاء، وكان لتلك البداية تأثيرها الشديد في نشأة سويتشيرو.
بداية رائد أعمال:
كان هوندا طالبًا فاشلًا بشهادة جميع اساتذته، وكان دائمًا مايردد عبارة :”أن نظام التعليم في بلاده فاشل، وليس هوندا ذاته”، وفي نهاية المطاف ترك هوندا الدراسة؛ ليعمل في ورشة لصيانة السيارات في العاصمة اليابانية طوكيو، وهو في سن الـ15 من عمره.
انطلاقة جديدة:
يقول “هوندا” :” إنه تسمر أمام أول سيارة رأها في حياته” ومنذ تلك اللحظة نما داخلى حلم تصميم سيارة بالكامل من اختراعي، و مع عمله في ورشة صيانة السيارات، استطاع اختراع نوع جديد من مكابح السيارات، وحصل على براءة اختراع له، وتوالت براءات اختراعته حتى بلغت خلال أعوام 150 براءة اختراع، و450 ابتكارًا.
نقطة تحول:
وكانت نقطة التحول في حياة مؤسس شركة هوندا، حينما قرر ترك العمل بورشة صيانة السيارات، وافتتح ورشة صغيرة لحسابه، ونجح في ابتكار جزء هام من أجزاء المحرك يسمى «حلقة الكباس»، وحاول تسويق هذا الجزء، إلا أن ورشته الصغيرة تهدمت فجأة جراء قنبلة انفجرت بجوارها، وحطمت معظم أجهزتها، وجاء العام 1954 ليكمل على ماتبقى من الورشة بزلزال مُدمر، أحال ورشته إلى كوم رُكام.
بداية جديدة:
على الرغم مما أصاب ورشته من دمارٍ وخراب، إلا أن عزم هوندا لتحقيق حلمه كان لايلين، ولا تفت في عضده هذه العاصفة من الخسائر، وسرعان ما وجد لنفسه طريقًا جديدًا، يبدأ من خلاله العمل، وبدأ بتصنيع الدراجات الهوائية، التي لاتحتاج لوقود لتعمل، خاصة أن في تلك الفترة التي عكف فيها على تصنيع الدراجات، كان هناك شح في الوقود في اليابان، حتى أنه اضطر لترك سيارته، واستطاع بالفعل بمفرده صناعة 12 دراجة هوائية، وقام ببيعها، وخلال العام 1948، بدأ هوندا التأسيس لشركته الرائدة بمجال تصنيع الدراجات النارية.
هوندا والدراجات البخارية:
في عام 1948 استطاع سويتشيرو أن يؤسس شركة هوندا للدراجات البخارية باليابان بعد أن سجّل براءة اختراع لتصميم الدراجات النارية، وفي العام 1951 استطاع أن يُقدم دراجة نارية من تصميمه بالولايات المتحدة الأمريكية حملت اسم “سوبر كاب”، وفي العام 1958 استطاع هوندا أن يُصبح أكبر مُصنع للدراجات النارية في اليابان، وأسرع ملايين الأشخاص لشراء دراجاته النارية والتي اتسمت بالقوة والمتانة والتصميم الجميل.
سويتشيرو والمليون:
خلال العام 1961قام هوندا بشحن 100 ألف دراجة نارية للولايات المتحدة الأمريكية، وهو الرقم الذي تضاعف بعد 7 سنوات ليصل إلى مليون دراجة نارية شحنتها شركة هوندا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبحلول العام 1990 أصبحت الشركة تشحن 3 ملايين دراجة نارية للولايات المتحدة الأمريكية سنويًا.
هوندا يقتحم عالم سيارات السباق:
في العام 1962 اقتحم هوندا سوق السيارات، وتخصص في إنتاج سيارات السباق، وارتفعت مبيعات الشركة لحد وهمي بحلول العام، وصممت أول سيارة لهوندا بمحرك صديق للبيئة عام 1970، واستطاعت شركة هوندا أن تحتل 60% من حصة سوق السيارات خلال العام 1980.
هوندا يغزو الولايات المتحدة:
غزا هوندا سوق السيارات في الولايات المتحدة، من نقطة ضعف وهي إنتاج محركات تحافظ على البيئة حسب مواصفات الحكومة الأمريكية، ولم يكن أحد من العمالقة في صناعة السيارات مثل: جنرال موتورز، فورد، تويوتا، نيسان، مرسيدس، بي إم دبليو، بورش، قد نجح في اختراع محرك يفي بهذا الغرض، و أحرج هوندا الجميع عندما قام باختراع أول محرك يقاوم التلوث البيئي(cvcc)، وطرح أولى سياراته بالمحرك الجديد عام 1975 الـCivic وتعني المدنية((أي السيارة المدنية))، التي لاقت نجاحًا باهرًا فور طرحها في السوق. استمر هوندا باستراتيجيته التي استخدمها في صناعة الدراجات النارية.
الرجل العاصفة:
كان هوندا كثيرًا مايثور على موظفيه وعماله، لأتفه الأسباب، وكان ينفجر غضبًا عندما يقوم أي موظف بعمل غبي أو أحمق. كان شخصًا عديم الصبر وثوريًا، إلا أنه كان يمتلك عزيمة لا تقهر ولا يستسلم أبدًا لأي مشكلة، ويقبل الخطأ كجزء من تطوره، حتى أن لقبه وسط موظفيه كان “الرجل العاصفة”.
هوندا وشركات السيارات:
لم يكن هوندا محبوبًا داخل مجتمع مُصنعي السيارات في اليابان، خاصة حينما حدثت أزمة البترول عام 1974، و قرر مصنعو السيارات في اليابان رفع أسعار السيارات وتخفيض الإنتاج، أما هو فكان الوحيد الذي رفض هذه الفكرة وحاربها، -كما فعل هنري فورد صاحب شركة فورد قبلة بخمسين سنة- وكرد على القرار ضاعف هوندا الإنتاج وخفض الأسعار، وأثبت هذا القرار صوابيته، وبالفعل انخفضت أسعار(نيسان)و(تويوتا)40%، وارتفعت في المقابل مبيعات هوندا 76في المئة واستمرت في التصاعد.
وفي عام 1983 أصبحت هوندا أسرع الشركات تطورًا في العالم، وحصلت سيارته ((هوندا أكورد)) على شرف احتلال المركز الأول للسيارات الأكثر مبيعًا في العالم الأعوام 1989،1990،1991،1992 حسب إحصاءات مجلة Car & Track. وفي عام 1993 احتلت(هوندا أكورد) أفضل مركز في الولايات المتحدة الأمريكية، لتحقق شركته أرباحًا بمليارات الدولارات.
وفاته:
توفي سويتشيرو هوندا عام 1991، تاركًا للأجيال القادمة قصة نجاح ملهمة، لطفل أتى من قُرى اليابان؛ ليحتل عرش صناعة السيارات في العالم.
الدروس المستفادة:
اتبع شغفك:
عليك عزيزي رائد الأعمال، إذا أردت أن يكون النجاح حليفك، أن تتبع شغفك، وتعمل لتطوير قدراتك، دون الالتفات للتعليقات والآراء السلبية، التى يرددها البعض حولك.
اعمل بمجال تفضله:
العمل في مجال تحبه وتفضله يكفل لك جميع مقومات النجاح والتميز به، ومهما واجهك من الصعوبات والتحديات، سيدفعك حبك لمجال العمل لتخطيها جميعًا والتميز بها.
الدقة أولًا:
عليك عزيزي رائد الأعمال أن تسعى دائمًا لتحقيق الدقة في أعمالك، فبعض التفاصيل الصغيرة، قد تٌفشل مشروعك الناجح.
المغامرة مطلوبة:
على رائد الأعمال أن يتسم بروح المغامرة، ولكن لابد أن يقوم بحساباته أولًا، وأن تكون مغامرته على أساس مدروس، وليست مجرد مغامرة غير مدروسة، قد تؤدى إلى نتيجة عكسية.
التعليقات مغلقة.