منصة إعلامية عربية متخصصة فاعلة في مجال الاقتصاد بروافده المتعددة؛ بهدف نشر الثقافة الاقتصادية، وتقديم المعلومات والمصادر المعرفية السليمة التي تسهم في نشر الوعي الاقتصادي، ومساعدة أصحاب القرار في اتخاذ القرارات الصائبة التي تقود الاقتصاد نحو تنمية فاعلة ومستدامة.

بورصة أبو ظبي | فوتسي

الأسهم الأمريكية | ناسداك

بورصة أبو ظبي | فوتسي

الأسهم الأمريكية | ناسداك

الرابط المختصر :

تحرير التجارة الخارجية بين الدول العربية

هل ما زال الاعتقاد قائمًا بأن تحرير التجارة العربية الخارجية كافٍ لنجاح السوق المشتركة وتعزيز التنمية؟

تحرير التجارة

يختلف الإطار الإنمائي لعمل السوق العربية المشتركة عن مفهوم تحرير التجارة. بعدما صار مدخل تحرير التجارة لا يتناسب مع كثير من متطلبات الدول العربية؛ لأن تحرير التجارة لا يحقق أهداف التكامل التجاري إلاّ بين الدول المتقاربة في مستوى النمو والتطور الاقتصادي لتحقيق التبادل المتكافئ وبلوغ التكامل.

سوق مشتركة

وفي ظل التباين الكبير بين الدول في امتلاك مختلف مقومات العمل الاقتصادي والإنمائي. تصبح إمكانية قيام سوق مشتركة غير ذات جدوى؛ لأنها ستفتقر إلى المنتجات الزراعية والحيوانية من المصادر الطبيعية ذات المنشأ الوطني؛ لذلك يصعب تكوين مجمعات اقتصادية للتفاوت الكبير في الإمكانات المالية.

كما يصعب انتقال السلع والخدمات بحرية بين الدول العربية معفاةً من الرسوم الجمركية أو التغلب على معضلة نقل البضائع معفاة من الجمارك ورسوم العبور.

أضف إلى ما سبق. استمرار حالة عدم إزالة الحواجز التي طالما منعت تكامل الزراعة والصناعة وتنقل العمالة بين الدول. وصعوبة تحقيق التنسيق في الشؤون المالية والنقدية والمصرفية.

نجاح مجلس التعاون الخليجي

يمثل مجلس التعاون لدول الخليج العربية، نظامًا فرعيًا من النظام العربي. حيث يضم ست دول متجاورة ومنسجمة سياسيًا بين أنظمة حكم ملكية وأميرية. ومتقاربة جغرافيًا. وكذلك من ناحية مستوى النمو والتطور الاقتصادي والتجانس السكاني والثقافي. لذلك يقدم المجلس نموذجًا ناجحًا في تشكيل نواة أساسية لقيام السوق المشتركة.

اتحاد المغرب العربي

وعلى النقيض من ذلك، لم تتمكن دول المغرب العربي الخمس، التي يجمعها اتحاد المغرب العربي من بلوغ نفس النتائج؛ لافتقارها إلى نفس المقومات. بسبب اختلاف أنظمة الحكم بين الجمهوري والجماهيري والملكي.

وأيضًا تباين مستويات التطور الاقتصادي بين بعضها البعض. إذ لم يكن لدى معظمها ما يمكن أن تقدمه للسوق من منتجات تتمتع بالتنافسية وذات منشأ وطني. بالإضافة إلى تعرض معظمها لمشاكل داخلية حادة عرقلت جهود التطوير، وعطلت مسيرة النماء، علاوة على الخلافات السياسية التي أدت إلى تجميد نشاط أجهزته لعشرات السنين.

كذلك، لم تعد الأوضاع الأمنية بالمناطق الحدودية البرية تسمح بحركة عبور الأشخاص والسلع؛ لانعدام التنسيق الأمني الحدودي.

لذا لم يكن لمسألة تحرير التجارة الخارجية لدول الاتحاد معنى على المستوى البيني. ولكن بقي أثر التحرير المحتشم فاعلًا ودافعًا لعلاقات التعاون بينها ودول الاتحاد الأوروبي وأمريكا وآسيا، لكن في اتجاه واحد وهو الاستيراد.

مجلس التعاون العربي

وفي أواخر ثمانينيات القرن الماضي، تأسس مجلس التعاون العربي من أربع دول، لا تتقارب أنظمتها السياسية. ولا تنسجم طبيعة اقتصاداتها فيما بينها. لذا تباينت منطلقات كل منها تباينًا كبيرًا؛ فتراجعت التجارة البينية، وتعطل عمل المجلس.

قوانين معوقة

كان المأمول أن يؤدي تحرير التجارة الخارجية في العديد من الدول العربية إلى جذب الاستثمار الأجنبي، ورفع حجم المبادلات التجارية، ولكن لأسباب موضوعية تتعلق بخصوصية كل دولة على حدة، تأخر جني ثمار هذا المسعى.  إذ لم تكن القوانين الداخلية المنظمة للنشاط الاقتصادي والمحددة للنظام الإداري مُعدَّة للتعامل مع الوضع الجديد؛ لذا لا تحقق الفاعلية المطلوبة.

تخلُّف النظام الإداري

وتخلف النظام الإداري في تلك الدول عن مسايرة واقع لم يتهيأ له على مستوى الإجراءات والتشريعات والنظم البنكية والمصرفية.

فعانى المستثمرون الأجانب من التقلبات المفاجئة في توجهات السياسات الاقتصادية والتغييرات المستمرة في القوانين والتعقيدات الإدارية. وأيضًا طول وقت معالجة الملفات واستخراج التصاريح والتراخيص. وكذا معضلة تخصيص العقار الصناعي وتهيئة البيئة الصناعية بالمرافق والخدمات.

أزمة التكامل الاقتصادي العربي

لذلك، لم يعد نجاح عملية تحرير التجارة الخارجية، مرتبطًا فقط بمدى تكيف الأوضاع الداخلية مع مستوى المستجدات في طبيعة العلاقات الاقتصادية الدولية. بل أصبحت رهينة الإرادة السياسية لتحقيقها بسبب الخلافات العربية ـ العربية. التي تمثل أهم معوقات العمل الاقتصادي المشترك. إذ لعب العامل السياسي دورًا مهمًا في تعميق أزمة التكامل الاقتصادي العربي، وأجهض جهود إنشاء السوق العربية المشتركة.

السوق العربية المشتركة

كان من المتوقع انضمام جميع الدول العربية الأعضاء بجامعة الدول العربية إلى اتفاقية السوق العربية المشتركة، إلاّ أنَّ من وقَّع على الاتفاق عام  1962، ثماني دول فقط. ثم تقلص العدد إلى أربع، بعد عدم  تصديق أربع أخرى على الاتفاقية.

فكرة السوق العربية المشتركة

وبالرغم من التطبيق المحدود لفكرة السوق العربية المشتركة، إلاّ أنها حققت نجاحًا ملحوظًا في بعض الجوانب الاقتصادية. أهمها تطوير التجارة بين الدول الأعضاء، وزيادة حجم التبادل التجاري العربي في رفع معدلات الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية المتعلقة بتحقيق الأمن الغذائي.

وتمثلت الأهمية الاقتصادية للسوق العربية، في تنمية التبادل التجاري العربي بمحاولة كل دولة  بيع فائض إنتاجها في الأسواق التي تحصل منها على أعلى الأسعار.

كما شكّلت فضاءً لأشكال عدة من المقايضة. وبرزت قدرة بعض الدول على تحقيق فائض إنتاج عالٍ واحتكار بعض المنتجات الصناعية والزراعية. فتمكنت من الحصول على أفضل المزايا بأيسر الشروط في المعاملات التجارية الدولية.

الاكتفاء الذاتي العربي

ويُعد تحقيق الاكتفاء الذاتي العربي أحد أبرز المجالات التي يمكن للسوق العربية المشتركة أن تساهم  بدور كبير في زيادة معدلاته من السلع الأساسية في الدول المشاركة في السوق. وذلك بالتعاون فيما بينها في مجالي حرية التجارة وتوزيع الإنتاج دون منافسة تؤدي إلى ضياع الفائدة المرجوة من هذا التعاون. بل تكون أولوية إتمام عمليات البيع والشراء داخل السوق المشتركة، ثم إيجاد أسواق خارجية لتصريف الفائض.

تحرير حركة عناصر الإنتاج

وتتمثل أهمية السوق المشتركة في السماح بتحرير حركة عناصر الإنتاج؛ مثل تحويل ونقل رؤوس الأموال، وحرية تنقل العمالة، وتيسير استغلال الموارد الطبيعية في إنتاج السلع.

وتتضاعف أهمية السوق العربية المشتركة، بتكييف التشريعات؛ لتستوعب حرية التنقل والعمل والإقامة والتمتع بحقوق متساوية في التملك واستغلال رؤوس الأموال وحرية ما يختارونه من نشاطات اقتصادية. وإزالة القيود الجمركية وتوحيد التعريفة الجمركية لتسهيل تصريف الإنتاج؛ ومن ثم تحقيق أعلى نسبة ممكنة من الاكتفاء الذاتي.

ومن هنا يتبين لنا طبيعة الدور المحوري والمركزي لتحرير التجارة في تحديد وتوثيق علاقة الدور الاقتصادي لدول مجالس واتحادات التعاون بالسوق العربية المشتركة.

فضائل السوق المشتركة

إنَّ من فضائل السوق المشتركة، تهيئة المناخ لتقديم نماذج قادرة على توفير أفضل الظروف لتطوير قاعدة اقتصادية موحدة، تؤدي دورًا مهمًا في تفعيل دور السوق، وضمان بقائها. وأيضًا زيادة قدرات الدول الأعضاء تمهيدًا للمساهمة في تحقيق التكامل نحو بلوغ أعلى مستويات التنمية الاقتصادية المشتركة.

كذلك، يتيح تحرير التجارة الخارجية عبر السوق المشتركة، إمكانية تشكيل منطقة تجارة حرة. وإقامة منطقة اتحاد جمركي لتعزيز دور السوق في مضاعفة التدفقات المالية والمبادرات الاستثمارية على المستوى العالمي مستقبلًا.

صبحة بغورة

الرابط المختصر :

التعليقات مغلقة.