العنود العلي|طفلة تحارب غول السرطان بالرسم
لوحاتها سخية وباذخة الجمال، كأنها تقول (أريد أن أخذ حقي من الحياة عنوة)، هكذا جاء المعرض الفني(ملهمة)، الذي أقامته الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت)، للطفلة الملهمة العنود العلي، ذات الـ(١٣) ربيعًا؛ لتقف الصغيرة بجسارة الكبار، تحقن الحضور بمصل المقاومة وإكسير القوة.
50 مليون دولار| عرض لوحة القناة الكبرى لكلود مونيه للبيع مقابل ثروة
العنود العلي
الأم دفق الحياة
التقينا بالمبدعة العنود العلي؛ لكنها كانت مقلة في حديثها، تعيش زهوًا وفرحًا، أكدت لنا والدتها أمل الشريف، أن بداياتها كانت قبل عام، علىأثر تجربتها العلاجية بمستشفى الملك فيصل التخصصي، وقالت (أحيانًا تحس بالألام، تزعل وتضايق، وكنا نفكر في طريقة لإفراغ هذا الكم من المعاناة، كنا نجلس فترات طويلة معها كي تنام).
أغلى لوحة في القرن العشرين| عرض لوحة لمارلين مونرو للبيع مقابل 200 مليون دولار
وترى الشريف، أن المستشفى كان له دور فعال في إخراج هذا المكنون الفني، وأوضحت أن طفلتها كانت محظوظة، بأن تلامس شغفها للرسم، برنامج الخدمة الاجتماعية بالمستشفى، في تحفيز المبدعين من الحالات المرضية، بغية تنفيذ رؤيتها في العلاج بالفن.
وأضافت(أثناء جولات كوادر الخدمة الاجتماعية على أقسام الأطفال، وأسئلتهم المتكررة عن شغف وأماني الأطفال، قالت طفلتي إنها تحب الرسم، وتتمنى أن تمتلك أدوات الرسم، وتمضي في هذا الجانب، فما كان من هذه الجهة بالتعاون مع مؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي الخيرية إلا وأن تلبي رغبات العنود، وتوفير كافة الأدوات؛ لتبدأ العنود في رسم لوحات في غاية الجمال).
وصنعت العنود، مرسمًا في غاية الروعة من غرفتها الصغيرة؛ لتعكف الصغيرة على رسم ٥٠ لوحة فنية في نهم، كأنها تحارب السرطان بكل ما أوتيت من قوة؛ لتنتج أعمال نالت إعجاب الفنانين التشكيلين.
لم تقف المستشفى والمؤسسة عند هذا الحد، بل أقيم معرض فني بالتعاون والإشراف لجمعية جسفت للفنون، وفي ختام المعرض اشترت المستشفى كل الأعمال الفنية؛ لتزيد من تحفيز الطفلة، وتُشجّعها على المزيد من الإبداع.
المسؤولية الاجتماعية
من جانبها تقول الأستاذة شيخة المهيدب، مسؤولة الاتصال المؤسسي بمؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي الخيرية”وريف الخيرية”، إن إدارة المستشفى تشعر بالفخر بالتواجد لافتتاح المعرض الثاني للفنانة العنود العلي.
وتوضح المهيدب أن العنود ذات موهبة فريدة من نوعها، وتشير إلى أن أول لقاء معها كانت إثر انطلاق مبادرة (أمنيتي)، إحدى مبادرات (وريف الخيرية)، والتي تعنى بتحقيق أمنيات المرضى بجميع الفئات العمرية، فكانت أمنية الطفلة العنود، بأن تقيم معرضها الأول وتشارك الجميع إبداعها.
وتضيف المهيدب(بالتعاون مع قسم الخدمة الاجتماعية في مركز الملك فهد لأورام الأطفال وبدعم فريق المؤسسة أقيم معرضها الأول و بيعت جميع لوحاتها).
موضحة أن مؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي الخيرية “وريف الخيرية” تعتبر الذراع الخيري للمؤسســـة العامة لمستشـــفى الملك فيصل التخصصـــي ومركـــز الأبحاث، وتُسخّر جميع جهودهـــا وأهدافها الاستراتيجية؛ لتحقيق النفع المجتمعي بما يخدم المريض أولًا، وتهتم تحديدًا برفع المعاناة عن المرضى واستبصار موضع الأثر في رحلتهم العلاجية.
لمسة شفاء
وفي السياق، أعربت مها الصويان مديرة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية(جسفت)، عن سعادة الجمعية، بإقامة معرض(ملهمة)، بالتعاون مع المستشفى.
وتقول الصويان:”إن المستشفى وجهت لهم دعوة لإقامة معرض العنود الأول بالمستشفى والإشراف عليه فنيًا؛ ما كانت دهشة المختصين بضخامة المنتوج الفني وبراعته، رغم صغر عمرها، حيث ضم ٤٨ عملًا، تم اقتنائها من إدارة المستشفى وبعضها اشترته كوادرها الطبية، حسب الطويان.
وأوضحت مديرة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية(جسفت)، أن المعرض كان له أثرًا فعالًا، في حالتها الصحية، وإقبالها للحياة بكل عنفوان، في وقت يشهد فيه العالم توجه كبير للعلاج بالفن.
وأضافت(اليوم نشهد ٤٨ عملًا فنيًا، نسأل الله أن تكون لمسة شفاء لها).
تكنيك فني عالي
من جانبه يرى الفنان التشكيلي هاشم الجمعان؛ أن أعمال الطفلة العنود، تسبق عمرها، مشيرًا إلى أن إنتاجها في هذه الفترة الوجيزة رغم مرضها، لاينتجها فنان في كامل قواه الصحية.
ويقول الجمعان:”إن مثل هذه المعارض تشكل تحفيز قوي للأطفال ومنصة للنجاح والعالمية؛ مايعكس تمكين الفن خادم الحرمين الشريفين.
معرض نوعي
من جهته يرى عبد الحميد الصالح؛ مستشار الجمعية العربية السعودية للفنون التشكيلية، أن المعرض نوعي وفيه نقلة كبيرة، إمتدادا لتحفيز هذه الجمعية المنبثقة من هذا المجتمع التواق للنماء دائما.
وقال الصالح (وجود هذه الفنانة بكل ما تعنيه لنا من معالجة الألم والقلق، ومحاربة هذا المرض الخبيث).
ويرى الصالح ضرورة فتح الجمعية آفاقًا واهتمامًا للانطلاق لقطاع الصحة، وتعزيز العلاج بالفن، مثمنًا دور منظمات المجتمع المدني، في دعم الحراك الثقافي، ممثلًا ذلك بإتخاذ العنود من المستشفى منصة انطلاق لها.
لوحات باذخة الجمال
وفي السياق، ترى الأستاذة ميسون أبو بكر، الكاتبة الصحفية والناقدة الفنية، أن الفنانة العنود رغم أن عمرها الفني، لايتجاوز عامًا واحدًا، إلا أن لوحاتها شديدة الجمال، مشيرة إلى أن عمرها الفني، يسبق سنها، وينتظرها مستقبلًا واعدًا.
وأضافت ميسون (رأيت ألوان النساء في لوحاتها، من الفرح إلى الحزن، ثم الغضب، ربما كغضب العنود من المرض الذي تحدته، هي ورفيقاتها من نساء العالم، من قسوة الألم).
وتابعت الناقدة الفنية:”جميل جدًا أن يدعم مستشفى الملك فيصل، هذه الموهبة وتحفزها في هذه الفترة الوجيزة، وهي تحارب وتقاتل مرض السرطان، وهذا المعرض برعاية الكاتب الصحفي عبد الوهاب الفائز، وهنا تمايز بين اللوحة والقلم والفكر والصحافة، على حد قول ميسون.
التعليقات مغلقة.