يشكل التوسع في زراعة البن في المملكة العربية السعودية تطورًا بارزًا في المشهد الزراعي للبلاد. مدفوعًا بالإمكانات الاقتصادية والإرث الثقافي.
وتتركز هذه الصناعة المتنامية في المقام الأول في المناطق الجنوبية الغربية. وفق دراسة سابقة عن مجلة الجمعية السعودية للعلوم الزراعية.
إرث زراعة البن
تستند زراعة البن في المملكة إلى تقاليد عريقة تعود لقرون. كما طور المزارعون في المملكة، تاريخيًا، أنظمة زراعية فريدة خاصة بهم، تتناسب مع البيئة واحتياجاتهم، وفق تقارير رسمية.
وتعد القهوة رمزًا للكرم والضيافة في المملكة العربية السعودية، وهي مرتبطةٌ ارتباطًا وثيقًا بالهوية الوطنية.
تقديرات زراعة البن في المملكة
تشير الأرقام الرسمية، أن عدد مزارعي البن في جنوب المملكة يتخطى 2500 مزارع، إلى جانب وجود أكثر من 500 مزرعة بن نموذجية، وفق تقرير سابق لصحيفة الشرق الأوسط.
بينما يقترب عدد هذه المزارع في القطاع الجنوبي الغربي من البلاد من 2200 مزرعة.
الناتج المحلي من البن
- بالنسبة للمحافظات الجبلية بمناطق جازان والباحة وعسير 1810 أطنان سنويًا.
- ونحو 350 طنًا من البن الصافي بعد التقشير.
- بلغ عدد مزارع البن في هذه المناطق 2535 مزرعة، واحتوت على ما يقارب الـ400 ألف شجرة بن.
- أما مزارع البن في المحافظات الجبلية بمنطقة عسير، فتنتج أكثر من 300 مزرعة.
- تضم هذه المزارع 40 ألف شجرة تنتج 200 طن من البن، و100 طن من البن الصافي بعد التقشير.
- كما يبلغ إنتاج مزارع البن في منطقة الباحة 40 طنًا، وكمية البن الصافي بعد التقشير 20 طنًا. وذلك بالنسبة لأكثر من 250 مزرعة للبن تضم 18 ألف شجرة بن.
نمو القطاع
ومن المتوقع أن ينمو القطاع بنسبة 5 في المائة خلال السنوات المقبلة، ليصل إلى 28700 طن بنهاية عام 2026. حسبما كشفت دراسة سابقة لوزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية.
ووصل دعم برنامج قطاع البن السعودي منذ إطلاقه، إلى 61 مليون ريال، فيما بلغ عدد المستفيدين 3,718 مستفيدًا. وفق تقرير سابق لموقع العربية نت.
أهداف التوسع في زراعة البن
وتقود الحكومة السعودية، إلى جانب مؤسسات كبرى مثل شركة أرامكو، العديد من المبادرات للتوسع في زراعة البن. تهدف إلى تعزيز إنتاج البن، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، ودعم الاقتصادات المحلية.
كما تستهدف وضع زراعة البن في صلب خطة “رؤية السعودية 2030” للتنويع الاقتصادي، وفق رؤية وزارة البيئة والمياه والزراعة.
ومن المتوقع أن يصل سوق القهوة في المملكة العربية السعودية إلى 5.98 مليار دولار بحلول عام 2029.
المناطق الرئيسية لزراعة البن
وتتركز زراعة البن في المملكة العربية السعودية بشكل رئيسي في ثلاث مناطق جنوبية غربية، وهي: جازان، وعسير، والباحة. حسب تقارير صحفية ورسمية.
وتعد هذه المناطق الأنسب لإنتاج البن بفضل ظروفها المناخية المواتية وتضاريسها الجبلية، التي توفر بيئة مثالية لنمو البن.
منطقة جازان
تتصدر منطقة جازان قائمة المناطق المنتجة للبن في المملكة؛ حيث تضم نحو 2,036 مزرعة موزعة على محافظات جبلية عدة.
وبقدر عدد أشجار البن في المنطقة بنحو 384,214 شجرة، ويعمل فيها ما يقارب 1,060 مزارعًا. كذلك مع إنتاج سنوي يبلغ حوالي 922 طنًا.
وتسهم ممارسات الزراعة المستدامة في هذه المنطقة في دعم الدخل المحلي، وتعزيز اقتصاد المنطقة بشكل عام.
منطقة عسير
تحتل عسير المرتبة الثانية في إنتاج البن، إذ تحتوي على نحو 300 مزرعة تضم قرابة 40,000 شجرة بن.
كما تنتج هذه المزارع ما يقرب من 333 طنًا سنويًا، منها 250 طنًا من البن الأخضر و83 طنًا من البن المجفف.
ويوفر ارتفاع المنطقة الكبير وهطول الأمطار المنتظم بيئة مثالية لنمو البن عالي الجودة؛ ما يعزز نكهته وقيمته.
منطقة الباحة
وتأتي الباحة في المرتبة الثالثة من حيث إنتاج البن، إذ تضم نحو 250 مزرعة تحتوي على ما يقارب 22,000 شجرة.
وتصل الكمية المنتجة في المنطقة إلى حوالي 108 أطنان سنويًا. وتستفيد المنطقة من مناخ معتدل، مع نسبة رطوبة مرتفعة وأمطار جيدة تساعد على نمو البن بشكل صحي.
كما تسهم المبادرات المستمرة لتحسين الممارسات الزراعية في تعزيز إمكانيات التوسع والإنتاج في هذه المنطقة.
أبرز المبادرات والدعم الحكومي
اتخذت الحكومة السعودية في السنوات الأخيرة، عدة مبادرات لتعزيز زراعة البن كجزء من إستراتيجيتها الاقتصادية الأوسع الموضحة في رؤية 2030.
وتهدف هذه المبادرات إلى تعزيز إنتاج البن المحلي، وتحسين الأمن الغذائي والمساهمة في التنوع الاقتصادي داخل المملكة.
مدينة البن في الباحة
من أبرز المشاريع في هذا المسعى إنشاء مدينة البن التنموية في منطقة الباحة. ويغطي هذا المشروع مساحةً تقارب مليون وستمائة ألف متر مربع.
وتضم مزرعة نموذجية، ومشتلًا حديثًا للشتلات، ومصنعًا متكاملًا للبن مجهزًا للفرز والمعالجة والتحميص والتغليف. كما يضم المشروع مركزًا للأعمال، ومركزًا للتدريب، ومرافق أمنية وإدارية.
وتهدف مدينة البن إلى تعزيز الاستثمار في زراعة البن المحلي من خلال تعزيز فرص الإنتاج والتصنيع والتسويق، وبالتالي إنشاء فرص عمل زراعية. وفي إطار أهدافها، تخطط المبادرة لزراعة حوالي ثلاثمائة ألف شجرة بن.
مركز تطوير البن في جازان
ودشّنت أرامكو السعودية، في أكتوبر الماضي، مركز تطوير البن السعودي بمنطقة جازان. ويسهم المركز في دعم جهود أرامكو السعودية لزراعة وإنتاج البن في المملكة، وإنشاء البنية التحتية والإمكانات اللازمة لتطويرها.
كما يشمل معملًا يحتوي على آلات تجفيف وتقشير وفرز وتعبئة وتغليف البن على أسس علمية بطاقة إنتاجية. تصل إلى 14 ألف طن من البن سنويًا.
ويستخدم أحدث التقنيات لإنتاج شتلات البن بطاقة إنتاجية تصل إلى أكثر من 300 ألف شتلة سنويًا. وكذلك مختبر لرفع الجودة، وأماكن مخصصة لتقديم الإرشاد الزراعي للمزارعين.
توطين زراعة البن
ويستكمل مركز التطوير، مبادرة أرامكو في سعيها لدعم زراعة وإنتاج البن في المملكة، والتي انطلقت عام 2016 في الداير.
وجاءت المبادرة وقتها بهدف إنشاء البنية التحتية والإمكانات اللازمة لتطوير زراعة وإنتاج البن في المملكة.
وتوسعت المبادرة بين عامي 2018 و2020 لتشمل خمس محافظات إضافية في منطقة جازان، وهي: فيفا، والريث، والعارضة، والعيدابي، وهروب.
كما امتدت إستراتيجيًا إلى منطقة عسير. وأسفرت المبادرة عن تدريب ودعم ما يتجاوز ألف مزارع للبن السعودي، وزراعة أكثر من 200,000 شتلة.
وكذلك تخفيض استهلاك المياه في زراعة البن بنسبة تتجاوز 60%. ويكمل المركز جهود الشركة في دعم الدورة الكاملة لإنتاج القهوة من الشتلة إلى المنتج النهائي.
تقدير ثقافي
وخصصت الحكومة عام 2022 ليكون عامًا للقهوة السعودية، في إطار تسويق الهوية الثقافية للمنتج. كما وافق مجلس الوزراء على انضمام السعودية إلى اتفاقية البن الدولية لتعزيز مكانتها عالميًا.
وأدرج البن السعودي ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي تقديرًا لإرثه الثقافي. كما صدر تعميم رسمي لاعتماد تسمية “القهوة السعودية” بدلًا من “القهوة العربية” في جميع المقاهي والمطاعم.
التعليقات مغلقة.