التكنولوجيا تدفع “وول ستريت” لزيادة تاريخية بـ420 مليار دولار في أسبوع
شهد قطاع التكنولوجيا الأمريكي أسبوعًا استثنائيًا؛ حيث ارتفعت القيمة السوقية لأكبر ثماني شركات تكنولوجية مدرجة في مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بحوالي 420 مليار دولار. لتصل القيمة الإجمالية لهذه الشركات إلى نحو 21 تريليون دولار، أي ما يمثل 36% من وزن المؤشر. وهو مستوى وصفه محللون بأنه غير مسبوق في تاريخ الأسواق الأمريكية.
وتأتي هذه القفزة في ظل سلسلة من التطورات المتباينة بين الشركات الكبرى. تراوحت بين انتصارات قضائية، وصفقات ضخمة، وخطط تحفيزية للرؤساء التنفيذيين. ما أعاد تأكيد أن التكنولوجيا لا تزال المحرك الأبرز للأسواق المالية العالمية.
ألفابيت تتجاوز اختبار الاحتكار
الدفعة الأقوى جاءت من شركة ألفابيت (جوجل)، التي ارتفع سهمها بأكثر من 10% خلال الأسبوع. بعد صدور حكم قضائي في قضية مكافحة الاحتكار. الحكم جاء أقل قسوة مما كان متوقعاً. إذ جنب الشركة عقوبة تفكيك متصفح “كروم”، مكتفيًا بإجراءات محدودة. بينها إلزام جوجل بمشاركة بيانات البحث مع المنافسين.
هذا القرار لم يفتح فقط صفحة جديدة في معركة التنظيم ضد عمالقة التكنولوجيا. بل انعكس إيجابًا على شركائها الإستراتيجيين، وعلى رأسهم أبل.
“أبل” تستفيد من استمرار الاتفاق مع “جوجل”
استمرار اتفاق جوجل مع أبل. الذي يدر على الأخيرة مليارات الدولارات سنويًا مقابل إبقاء محرك بحث جوجل كخيار افتراضي في أجهزة “أيفون”. عزز مكاسب أسهم أبل بنسبة 3.2%. وبذلك أسهمت الشركتان في رفع مؤشر ناسداك بنسبة 1.1% خلال تعاملات الأسبوع، بحسب بيانات شبكة CNBC.
“برودكوم” تدخل نادي التريليون دولار
مفاجأة الأسبوع جاءت من برودكوم، الشركة المتخصصة في صناعة الشرائح الإلكترونية. والتي قفز سهمها 13% بعد إعلانها عقدًا بقيمة 10 مليارات دولار مع عميل جديد يرجح أنه OpenAI. هذه القفزة قادت الشركة إلى الانضمام لنادي الشركات التريليونية، لتصل قيمتها السوقية إلى نحو 1.6 تريليون دولار.
المحللون اعتبروا أن هذه الخطوة تمثل تحولًا استراتيجيًا لبرودكوم، التي باتت لاعبًا رئيسيًا في السباق نحو الذكاء الاصطناعي.
“إنفيديا” تتراجع رغم الريادة
على النقيض، واصلت إنفيديا مسارها التراجعي. حيث انخفض سهمها أكثر من 4% للأسبوع الرابع على التوالي. ورغم غياب أخبار سلبية مباشرة، فإن الضغوط البيعية عكست مخاوف المستثمرين من بلوغ السهم مستويات مبالغ فيها بعد الطفرة القياسية التي حققها منذ بداية 2023.
ورغم هذا التراجع، لا تزال “إنفيديا” تتربع على قمة شركات القطاع بقيمة سوقية تتجاوز 4 تريليونات دولار. ما يجعلها الشركة الأهم في مجال معالجات الذكاء الاصطناعي.
“مايكروسوفت” في وضع مختلط
أما مايكروسوفت، فقد سجلت تراجعًا للأسبوع الخامس على التوالي، لكن سهمها لا يزال مرتفعًا بنسبة 21% خلال عام واحد. هذا الأداء يعكس التوازن بين التحديات قصيرة الأمد، وبين استمرار استفادتها من شراكات الذكاء الاصطناعي وخاصة مع OpenAI، إضافة إلى توسع خدمات الحوسبة السحابية “أزور”.
“تسلا” تعود للمكاسب بدعم خطة “ماسك”
من جانبها، استعادت “تسلا” بعضًا من زخمها المفقود، إذ ارتفعت أسهمها بنسبة 5% هذا الأسبوع بعد إعلان خطة تعويض جديدة لرئيسها التنفيذي إيلون ماسك. الحزمة قد تصل قيمتها إلى تريليون دولار إذا تمكنت الشركة من مضاعفة قيمتها السوقية لتتجاوز 2 تريليون دولار.
رئيسة مجلس الإدارة، روبن دينهولم، وصفت الخطة بأنها وسيلة لإبقاء ماسك “مركزًا ومحفزًا على تحقيق أهداف الشركة”. ورغم الجدل القانوني حول رواتبه السابقة، فإن المستثمرين استجابوا إيجابياً لهذه الأنباء، ما أعاد أسهم الشركة إلى مسار صعودي مؤقت.
قطاع التكنولوجيا الأمريكي يبقى المحرك الرئيسي للأسواق
مجمل هذه التطورات يعكس حقيقة أن قطاع التكنولوجيا لا يزال القلب النابض للأسواق الأمريكية. فبينما تكافح قطاعات أخرى للتكيف مع الضغوط التضخمية وسياسات الفائدة المرتفعة، تقود شركات التكنولوجيا المؤشرات نحو قمم جديدة عبر مزيج من الابتكارات والصفقات الإستراتيجية.
وبحسب محللين في “وول ستريت”، فإن القيمة السوقية القياسية البالغة 21 تريليون دولار التي وصلت إليها هذه الشركات، قد تعكس بداية مرحلة جديدة من “الهيمنة الرقمية”، التي سيكون للذكاء الاصطناعي النصيب الأكبر فيها.



التعليقات مغلقة.