عطور السعودية.. صناعة تنمو بثقة في سوق تنافسية
الإيرادات المتوقعة لسوق العطور السعودي في 2025 تتخطى حاجز 500 مليون دولار

تعد صناعة العطور في المملكة السعودية من القطاعات الاقتصادية والثقافية المزدهرة؛ إذ تمتزج تقاليد عطور السعودية العريقة مع أحدث الابتكارات العطرية.
كما تتميز المملكة بعطورها الفاخرة التي تعتمد على مكونات طبيعية أصيلة. مثل: العود والعنبر والمسك، والتي تعكس الإرث العطري العريق للمنطقة.
ومع التطورات المتسارعة في تقنيات صناعة العطور تشهد السوق السعودية نموًا مستدامًا يعكس تطور أذواق المستهلكين وأهمية العطور في الحياة الاجتماعية والثقافية.
بينما خلال السنوات الأخيرة أصبحت تلك السوق محط أنظار العلامات التجارية العالمية الفاخرة. مع استمرار توسع الشركات المحلية الرائدة، مثل: “عبد الصمد القرشي” و”العربية للعود”.
في حين تدفع المنافسة المتزايدة القطاع نحو المزيد من الابتكار، خاصة في مجالات التجارة الإلكترونية وإستراتيجيات التسويق؛ لتلبية الطلب المتزايد على العطور الفاخرة والمخصصة.
إرث حضاري في الجزيرة العربية
تمتد جذور فن صناعة العطور إلى العصور القديمة؛ ولطالما كانت الجزيرة العربية مهدًا لثقافة العطور. ووفقًا لتقرير مركز “Essencional”، المعني بالدراسات المتخصصة في صناعة العطور؛ فإن استخدام المواد العطرية يعود إلى أكثر من ألف عام.
فيما تكشف السجلات القديمة عن أن وصفات العطور في الجزيرة العربية والشرق الأوسط احتوت على مكونات، مثل: القرفة والياسمين واللبان والزعفران والورد، منذ مئات السنين. فيما ساعد موقع المملكة ومكانتها الدينية على تبادل المواد الخام والتقنيات؛ ما أثرى صناعة العطور المحلية بتنوع واسع من التوابل والأعشاب والراتنجات والأخشاب الثمينة.
كما كان للكيميائيين العرب القدماء، الذين طوروا فن التقطير، دور كبير في تشكيل تطور صناعة العطور بالمنطقة؛ ما ساهم في استمرار بروزها وجاذبيتها محليًا ودوليًا؛ فهم أول من طبّقوا علم الخيمياء على صناعة العطور. الذي سعى إلى استخراج “جوهر” النباتات من خلال تقنيات التقطير لاستخلاص زيوتها العطرية الأساسية.
كذلك طوروا جهاز “الإنبيق” لتقطير الكحول؛ ما مكنهم من الحصول على القاعدة الأساسية للعطور. وأدى هذا الابتكار إلى توسع سريع في صناعة العطور وانتشارها خلال العصور الوسطى، وهذا أحدث ثورة في طرق تصنيع العطور.
وأيضًا ساهم الوصول العربي إلى إسبانيا والفتوحات الإسلامية في نقل هذه المعرفة إلى أوروبا؛ ما كان له دور كبير في تطور صناعة العطور الغربية.
المكانة الثقافية للعود
يحتل العود، وهو خشب عطري مستخرج من شجرة العود، مكانة مرموقة في صناعة العطور بالمنطقة والعالم. لا سيما في المملكة السعودية.
وورد عن النبي ﷺ وصفه للعود بأنه “من طيب الجنة”، ولا تزال هذه العادة قائمة حتى اليوم؛ إذ يستخدم العود في التطهر والتعطر من قبل المسلمين.
كما تتجاوز الأهمية الثقافية للعود مجرد رائحته العطرية؛ إذ يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالطقوس الاجتماعية وممارسات الضيافة. ما يجعله عنصرًا أساسيًا في الهوية السعودية والتعبير الثقافي.
تطور صناعة عطور السعودية
اليوم تعرف صناعة العطور في المملكة العربية السعودية بفخامتها ورقيها. ما يجعلها وجهة جذابة للعلامات التجارية العالمية الراغبة في الاستفادة من تراثها العريق.
كما تتميز السوق بمزيج فريد من المكونات التقليدية والتقنيات الحديثة؛ وذلك يلبي أذواق المستهلكين المتنوعة.
في حين تعكس هذه التطورات اتجاهًا أوسع؛ حيث لم تعد العطور السعودية مجرد منتجات، بل أصبحت تجسيدًا للهوية الثقافية والأناقة والغنى التاريخي للمنطقة.
ومع استمرار توسع الصناعة يجري استكشاف ابتكارات جديدة في مجالات التجارة الإلكترونية وإستراتيجيات التسويق؛ لتلبية الطلب المتزايد على هذه العطور الفاخرة.
أنواع العطور في السوق السعودية
- العطور التقليدية
تتميز العطور العربية التقليدية بروائحها الغنية والمكثفة، والتي تعتمد على مكونات ذات أهمية ثقافية وتاريخية كبيرة.
وتشمل هذه المكونات الشائعة: العود، والعنبر، والمسك، والورد، وخشب الصندل، وكلها تتناسب مع الأذواق المحلية التي تفضل العطور المركّزة والطويلة الأمد.
ولا تعد تلك العطور مجرد إكسسوارات؛ لكنها جزء أساسي من الحياة اليومية والممارسات الروحية. فتستخدم في العناية الشخصية، والطقوس الدينية، والضيافة.
- العطور المبتكرة
رغم الشعبية المستمرة للعطور التقليدية برز اتجاه واضح نحو العطور العربية المبتكرة حديثًا. إذ تمزج العطور المعاصرة بين العناصر التقليدية والتقنيات والمكونات المبتكرة؛ ما يجعلها أكثر جاذبية لجمهور أوسع.
فيما نجحت علامات تجارية متخصصة؛ مثل Maison Francis Kurkdjian وByredo، في تطوير عطور حصرية للمنطقة تجمع بين لمسات حديثة وكلاسيكية، مثل: العود والمسك. كما تلبي تطلعات الأجيال الشابة الباحثة عن تجارب عطرية فريدة. وفق أحدث تقرير بحثي صادر عن “Markntel Advisors” حول سوق العطور في المملكة.
- التأثيرات الثقافية
تؤدي العادات الثقافية دورًا رئيسًا في تحديد تفضيلات العطور. ففي الثقافات الغربية تصنف العطور عادةً بأنها “ذكورية” أو “أنثوية”. بينما في العديد من الثقافات الشرق أوسطية تنتشر العطور ذات الطابع المحايد للجنسين، وتكون خيارات العطر أقل تقييدًا بالتصنيفات الجندرية.
كما أن استخدام العطور الزهرية، مثل: الياسمين وخشب الصندل، شائع في الطقوس المختلفة؛ إذ يرمز إلى الطهارة والتفاني.
- التنوعات الإقليمية
يؤثر تنوع دول مجلس التعاون الخليجي في أنواع العطور المفضلة بكل منطقة. ففي المناخات الحارة يزداد الطلب على العطور القوية ذات النغمات المسكية والجلدية، وفق منصة “رينوب للأبحاث”.
بينما تشهد مناطق البحر الأبيض المتوسط والمشرق العربي إقبالًا متزايدًا على الروائح المنعشة والطبيعية، الممزوجة مع قواعد تقليدية، مثل: الجلود أو الأخشاب.
كذلك يثري توفر النباتات العطرية المحلية والمواد الطبيعية، مثل الياسمين، صناعة العطور، ويتيح مجموعة متنوعة من الروائح التي تعكس تراث المنطقة العريق.
أهم الشركات العاملة في سوق العطور السعودية
- عبد الصمد القرشي.
- عطور أحمد المغربي.
- عطور أجمل.
- العربية للعود.
- رصاصي لصناعة العطور “ذ.م.م”.
- رشات.
- مجموعة سويس آرابيان للعطور.
- ذا فريجنانس كيتشن (TFK).
الفرص المتاحة في سوق العطور السعودية
حسب “رينوب للأبحاث” تبدو التوقعات المستقبلية لسوق العطور في المملكة واعدة، مدفوعة بارتفاع الدخل، وتغير تفضيلات المستهلكين، والاهتمام المتزايد بالعناية الشخصية لعدة أسباب؛ من بينها:
زيادة الطلب على العطور الفاخرة:
تشكل الأهمية الثقافية للعطور في السعودية أساسًا قويًا لنمو السوق؛ حيث يتجه المستهلكون بشكل متزايد نحو العطور الفاخرة والمتخصصة.
التوسع في التجارة الإلكترونية:
يعد النمو المتسارع للتجارة الإلكترونية فرصة كبيرة أمام الشركات للوصول إلى جمهور أوسع. كما تستثمر علامات تجارية عديدة في تعزيز حضورها الرقمي والتعاون مع منصات البيع الإلكتروني لتلبية الطلب المتزايد على التسوق عبر الإنترنت.
ويتيح هذا التحول إستراتيجيات تسويقية مبتكرة وعروضًا عطرية محلية تتماشى مع تفضيلات المستهلكين.
الابتكار والاستدامة:
هناك توجه متزايد نحو الابتكار في تطوير العطور؛ إذ تركز الشركات على ابتكار روائح فريدة واعتماد ممارسات إنتاج مستدامة.
ويمكن أن يجذب تبني أساليب تصنيع صديقة للبيئة المستهلكين المهتمين بالاستدامة؛ ما يساعد العلامات التجارية على التميز في سوق تنافسية.
ومن المتوقع أن تحقق الشركات التي تركز على التمايز والاستدامة نجاحًا في تلك السوق المتنوعة.
أرقام حول سوق العطور السعودية
بحسب منصة “Statista”، الدولية المعنية بتقديم بيانات وأبحاث متخصصة في مختلف القطاعات الاقتصادية والأسواق:
- تتخطى الإيرادات المتوقعة لسوق العطور السعودية في 2025 حاجز 500 مليون دولار.
- 6 دولارات متوسط الإنفاق على العطور لكل فرد في المملكة عام 2025.
- 34% معدل النمو السنوي المركب لسوق العطور في المملكة خلال الفترة من 2025 إلى 2030.
- على الصعيد العالمي تحقق الولايات المتحدة أعلى إيرادات في هذه السوق بنحو 9 مليارات دولار لعام 2025.