منصة إعلامية عربية متخصصة فاعلة في مجال الاقتصاد بروافده المتعددة؛ بهدف نشر الثقافة الاقتصادية، وتقديم المعلومات والمصادر المعرفية السليمة التي تسهم في نشر الوعي الاقتصادي، ومساعدة أصحاب القرار في اتخاذ القرارات الصائبة التي تقود الاقتصاد نحو تنمية فاعلة ومستدامة.

بورصة أبو ظبي | فوتسي

الأسهم الأمريكية | ناسداك

بورصة أبو ظبي | فوتسي

الأسهم الأمريكية | ناسداك

الرابط المختصر :

صناعة حلويات العيد في السعودية.. استثمار دائم أم تجارة موسمية؟

تلعب صناعة حلويات العيد في السعودية خلال عيد الفطر المبارك دورًا حيويًا في المشهدين الثقافي والاقتصادي. إذ تشهد هذه الفترة ارتفاعًا ملحوظًا في الطلب على الحلويات والمخبوزات التقليدية.

ويعد عيد الفطر، مناسبة تجتمع فيها العائلات والمجتمعات؛ إذ يتم تبادل الأطعمة الفاخرة والحلويات التي ترمز إلى الضيافة والكرم.

حلويات العيد.. جذور تاريخية وموروث ثقافي

وتعود الجذور التاريخية لهذه العادات إلى الممارسات الإسلامية المبكرة، والتي تطورت مع مرور الوقت لتصبح جزءًا أساسيًا من الاحتفالات الجماعية. ما يعزز الهوية الثقافية للمملكة السعودية.

وثمة آراء تشير إلى أن هذه العادة نشأت مع المسلمين الأوائل في المدينة المنورة. وبدأت هذه الممارسة باستخدام المكونات المتاحة لهم آنذاك.

ومع مرور القرون، تطورت هذه العادة لتصبح جزءًا أساسيًا من احتفالات العيد؛ إذ يتم تبادل والاستمتاع بمختلف أنواع الحلويات.

وتتميز احتفالات العيد في المملكة بأجواء احتفالية ضخمة تشمل الزينة الفاخرة والولائم الفخمة.

كما تعكس هذه التجمعات أهمية الضيافة وروح المجتمع، إذ يشارك الطعام تقليديًا مع العائلات الأقل حظً. وذلك لضمان أن الجميع يشارك في فرحة العيد.

إضافة إلى ذلك، ترتبط المناسبات الكبرى مثل عيد الفطر بالتراث الثقافي للمنطقة. حيث تتضمن الاحتفالات أمسيات وشعرًا، ومعارض للحرف اليدوية؛ ما يعزز الأهمية التاريخية للطعام والحلويات ضمن هذه الفعاليات المجتمعية.

ويبلغ الطلب على الحلويات ذروته خلال هذه المواسم الاحتفالية، تطلق فيه العلامات التجارية منتجات ذات طابع احتفالي، وذلك لتلبية الأهمية الثقافية لمشاركة الحلويات.

ولا يعزز دمج العناصر الثقافية والممارسات التقليدية فحسب ديناميكيات السوق، بل يدعم أيضًا النمو المستدام لصناعة الحلويات والمخبوزات في المملكة.

ويعكس هذا الارتفاع الموسمي في الطلب كلًا من العادات التاريخية والتغيرات في أذواق المستهلكين. ما يبرز قدرة هذه الصناعة على التكيف والازدهار وسط المشهدين الاجتماعي والاقتصادي المتغيرين.

التاثير الاقتصادي للعيد على سوق الحلويات

يعد التأثير الاقتصادي للعيد على سوق الحلويات كبيرًا، وبحسب تقرير اتجاهات صناعة المخابز في المملكة لعام 2023. وهو تقرير سبق أن قدمه خبراء السلع الاستهلاكية سريعة الاستهلاك، فإن:

  • إجمالي قيمة سوق الحلويات في المملكة وصل إلى نحو 1.18 مليار دولار عام 2024.
  • ومن المتوقع أن يشهد معدل نمو سنوي يقدر بـ 4.51% خلال الفترة الممتدة من 2024 إلى 2028.

مشهد البيع بالتجزئة والتوزيع

ويتميز قطاع البيع بالتجزئة في المملكة ببنية تحتية قوية. إذ تساهم سلاسل المتاجر الكبرى مثل كارفور، ولولو، وسبينيس في نسبة كبيرة من المبيعات.

كما اكتسب قطاع التجارة الإلكترونية زخمًا كبيرًا، لا سيما بعد جائحة “كورونا”. حيث اتجه المزيد من المستهلكين إلى التسوق عبر الإنترنت نظرًا لسهولة الوصول والراحة.

علاوة على ذلك، تلعب المتاجر الصغيرة دورًا مهمًا في عمليات الشراء العفوية. كما يشكل قطاع السياحة عاملًا رئيسيًا في دفع مبيعات الحلويات، خاصة في الفنادق والمنتجعات.

الرؤى الإقليمية وتحديات التسعير

كما تعد المملكة السعودية والإمارات أبرز اللاعبين في سوق استهلاك الغذاء بدول مجلس التعاون الخليجي. وتمثل السعودية أكثر من 55% من إجمالي استهلاك الغذاء الإقليمي.

ومع ذلك، تواجه السوق تحديات تتعلق بتقلب أسعار المواد الخام؛ مثل الكاكاو والسكر ومنتجات الألبان.

ولمواجهة هذه التحديات، تتبنى الشركات المصنعة إستراتيجيات مختلفة، إما من خلال امتصاص تكاليف الإنتاج أو تعديل وصفات المنتجات للحفاظ على الجودة والأسعار المناسبة.

ديناميكيات المنافسة

تزداد حدة المنافسة في قطاع الحلويات بسبب تواجد علامات تجارية محلية تقدم بدائل بأسعار معقولة. ما يجعل من الصعب على العلامات التجارية العالمية تبرير أسعارها المرتفعة.

وغالبًا ما تعتمد الشركات المحلية على استراتيجيات فعالة من حيث التكلفة تستهدف المستهلكين الحساسين للأسعار. وخاصة في مناطق ذوي الدخل المتوسط؛ ما قد يؤدي إلى تقليص حصة الشركات العالمية في السوق.

الطلب الموسمي مقابل النمو المستدام

بينما يتأثر سوق الحلويات في المملكة كثيرًا بالمناسبات الموسمية، خاصة احتفالات العيد.

وخلال هذه الفترة، يرتفع الطلب على الحلويات التقليدية؛ مثل الشوكولاتة والتمور، إذ تجتمع العائلات والأصدقاء للاحتفال.

ويعد تقديم الحلويات جزءًا من العادات الاجتماعية التي تعزز الروابط الاجتماعية وتساهم في زيادة المبيعات لدى الشركات المصنعة وتجار التجزئة على حد سواء.

كما تؤدي العادات الثقافية المحيطة بعيد الفطر إلى ارتفاع الطلب على الحلويات؛ إذ يتوقع العديد من المستهلكين الاستمتاع بالحلويات التقليدية.

ويرتبط تناول الحلويات بالمناسبات الاحتفالية؛ ما يجعلها عنصرًا أساسيًا خلال هذه الفترات؛ ما يضمن زيادة كبيرة في الاستهلاك.

وبالإضافة إلى ذلك، تساعد الابتكارات في النكهات وإستراتيجيات التغليف الخاصة بالمواسم الاحتفالية في جذب المزيد من المستهلكين. ما يجعلها فترة حاسمة للعلامات التجارية في هذا القطاع.

ومع ذلك، على الرغم من أن العيد يمثل ذروة الطلب الموسمي؛ فإن هذا النمو غالبًا ما يكون مؤقتًا. إذ يعود السوق إلى حالته الطبيعية أو يشهد انخفاضًا بعد انتهاء الموسم. ما يعكس اعتماد السوق بشكل أساسي على المناسبات الاحتفالية بدلًا من الاستهلاك المستمر على مدار العام.

تحديات النمو المستدام لصناعة حلويات العيد

ويدفع الطلب الموسمي على حلويات ومخبوزات عيد الفطر المبارك، المصنعين إلى الابتكار في المنتجات ذات الطابع الاحتفالي.

إذ يستهدف المصنعون تلبية التغيرات في تفضيلات المستهلكين الذين يبحثون عن خيارات صحية أكثر؛ مثل الحلويات الخالية من السكر والعضوية.

ومع ذلك، وعلى الرغم من ازدهار الصناعة خلال موسم العيد؛ فإنها تواجه تحديات في تحقيق نمو مستدام؛ إذ يؤدي الاعتماد على الطلب الموسمي إلى تذبذب المبيعات، حيث تشهد الفترة التي تلي العيد عادةً انخفاضًا في الاستهلاك.

ومع تزايد وعي المستهلكين بقضايا الاستدامة، يتعرض المصنعون لضغوط لاعتماد ممارسات صديقة للبيئة.

ويمثل التوازن بين ذروة الطلب الموسمي والحاجة إلى استدامة طويلة معضلة رئيسة لأصحاب المصلحة في سوق الحلويات والمخبوزات في السعودية.

هذه المعضلة تثير تساؤلات مهمة حول المسار المستقبلي لهذه الصناعة في ظل تغير توقعات المستهلكين والواقع البيئي المتغير.

فرص النمو

ورغم التحديات، هناك اتجاه متزايد نحو الابتكار في المنتجات التي تلبي احتياجات المستهلكين المهتمين بالصحة والاستدامة.

كما أدى الاعتماد على المنصات الرقمية لشراء الحلويات إلى توفير فرص للعلامات التجارية لتعزيز حضورها في السوق بشكل أكثر استدامة. بما يتجاوز فترات الذروة الموسمية مثل عيد الفطر.

وتشمل الفرص المتاحة لعلامات الحلويات في المملكة الاستفادة من المناسبات الاحتفالية وثقافة تبادل الهدايا السائدة خلال احتفالات مثل رمضان والعيد.

وهناك زيادة ملحوظة في الطلب على الشوكولاتة الفاخرة والحلويات التقليدية خلال هذه الأوقات. ما يشجع العلامات التجارية على طرح منتجات موسمية بتغليف مخصص يناسب الأذواق المحلية.

بالإضافة إلى ذلك، يقدم قطاع السياحة المتوسع طريقًا فريدًا للنمو. حيث قد يسعى الزوار إلى الحصول على الأطعمة والهدايا المحلية؛ ما يعزز المبيعات بشكل أكبر.

الرابط المختصر :

التعليقات مغلقة.