الاقتصاد البريطاني يُسجل “نموًا متواضعًا” نهاية 2024

أصدر مكتب الإحصائيات الوطني البريطاني (ONS)، اليوم الخميس، بيانات جديدة تلقي الضوء على أداء الاقتصاد البريطاني خلال الربع الأخير من عام 2024، والتي تشير إلى نمو متواضع بنسبة 0.1% في الناتج المحلي الإجمالي (GDP).
تأتي هذه الأرقام في سياق اقتصادي عالمي متقلب واستمرار الضغوط التضخمية وتحديات سلاسل الإمداد، إلا أنها تبعث بعض التفاؤل الحذر بشأن قدرة الاقتصاد البريطاني على التعافي التدريجي.
نمو طفيف في الناتج المحلي الإجمالي يعكس تحسنًا مقارنة بالعام الماضي
وقال مكتب الإحصائيات الوطني، إن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لبريطانيا ارتفع بنحو 0.1% خلال الربع الرابع من عام 2024.
ورغم أن هذا النمو يعد هامشيًا، فإنه يمثل تحسنًا ملحوظًا مقارنة بالربع الأخير من عام 2023، والذي شهد انخفاضًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3%. وعلى صعيد سنوي، أشارت البيانات إلى نمو الاقتصاد البريطاني بنحو 1.4% في عام 2024 ككل.
وقد أرجع المكتب هذا النمو الطفيف في الناتج المحلي الإجمالي إلى الأداء الإيجابي لقطاعات الخدمات والإنتاج، والتي ساهمت بشكل رئيس في دفع عجلة الاقتصاد خلال الربع الأخير من العام.
ويعكس هذا النمو الجزئي قدرة بعض القطاعات على التكيف مع الظروف الاقتصادية الصعبة واستمرارها في توليد النشاط الاقتصادي.
انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي يثير تساؤلات حول الرفاهية
ورغم النمو الإجمالي المتواضع، أشارت بيانات مكتب الإحصائيات الوطني إلى جانب سلبي يتمثل في انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشارت إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للفرد في بريطانيا بنحو 0.1% خلال الربع الرابع من عام 2024.
وبينما هذا الانخفاض أقل حدة من الانخفاض بنسبة 0.4% المسجل خلال الربع الرابع من عام 2023، فإنه يعكس استمرار الضغوط على مستوى معيشة الأفراد وتراجع القدرة الشرائية في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم المستمر.
ويُعد انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي مؤشرًا مهمًا على التحديات التي تواجهها الأسر البريطانية، ويثير تساؤلات حول مدى استفادة المواطنين من النمو الاقتصادي المحدود، وإمكانية تحسن مستويات الرفاهية في المستقبل القريب.
ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي يعكس ضغوط التضخم
في سياق متصل، كشفت بيانات مكتب الإحصائيات الوطني، عن ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنسبة 1.1% في الربع الرابع من عام 2024. ويعود هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى الزيادة في تعويضات الموظفين. والتي قد تعكس جزئيًا الضغوط التضخمية وارتفاع الأجور لمواجهة تكاليف المعيشة المتزايدة.
كما تشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الاسمي قد ارتفع بنسبة 5.7% خلال عام 2024 مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي.
ويعكس هذا الارتفاع الاسمي تأثير التضخم في قيمة الناتج المحلي الإجمالي، ويؤكد على أن جزءًا من النمو الظاهري يعود إلى ارتفاع الأسعار وليس بالضرورة زيادة حقيقية في حجم الإنتاج والنشاط الاقتصادي.
استمرار تراجع قطاع الإنتاج يثير المخاوف من تباطؤ النمو الصناعي
بينما أشارت البيانات إلى نمو طفيف في الناتج المحلي الإجمالي، كشفت عن جانب مقلق يتمثل في استمرار تراجع نشاط قطاع الإنتاج.
وتشير تقديرات مكتب الإحصاءات البريطاني إلى انخفاض نشاط قطاع الإنتاج خلال الربع الرابع بنسبة 0.8%. وهو ما يمثل الانخفاض للربع الخامس على التوالي.
ويعد استمرار تراجع قطاع الإنتاج مؤشرًا سلبيًا على صحة الاقتصاد البريطاني. ويثير المخاوف من تباطؤ النمو الصناعي وتأثيره على فرص العمل والاستثمارات في القطاعات الصناعية. كما أن انخفاض الإنتاج بشكل عام في بريطانيا خلال الربع الرابع من 2024 بنحو 1.7%. مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي يعكس عمق التحديات التي يواجهها هذا القطاع الحيوي.
تراجع التصنيع والتعدين يقود انكماش قطاع الإنتاج
علاوة على ذلك، أوضحت بيانات مكتب الإحصاءات الوطني، أن الانخفاض في قطاع الإنتاج. كان مدفوعًا بشكل رئيس بانخفاض التصنيع بنحو 0.7%. إلى جانب انخفاض نشاط التعدين واستغلال المحاجر بنحو 2.5%.
بينما يعكس تراجع التصنيع استمرار الضغوط التي تواجه الصناعات البريطانية. بما في ذلك ارتفاع تكاليف الطاقة والمواد الخام. وتحديات سلاسل الإمداد العالمية، وتراجع الطلب العالمي على بعض المنتجات الصناعية.
كما أن الانخفاض الكبير في نشاط التعدين واستغلال المحاجر قد يعكس تغيرات في هيكل الاقتصاد البريطاني وتراجع الاعتماد على بعض الصناعات التقليدية. بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل تقلبات أسعار السلع العالمية والتحول نحو مصادر الطاقة النظيفة.
وفي المقابل، سجلت بعض الأنشطة الفرعية في قطاع الإنتاج أداءً إيجابيًا نسبيًا. بينما ارتفعت أنشطة الصرف الصحي وإدارة النفايات ومعالجتها بنسبة 1.2%. إلا أن هذا الارتفاع الطفيف لم يكن كافيًا لتعويض الانخفاضات في القطاعات الرئيسة الأخرى ضمن قطاع الإنتاج.
تعاف هش واقتصاد يواجه تحديات جمة
في حين تعكس بيانات مكتب الإحصائيات الوطني البريطاني صورة مختلطة للاقتصاد البريطاني. في الربع الأخير من عام 2024. فمن جهة، يظهر الاقتصاد علامات تعافٍ طفيف مع نمو متواضع في الناتج المحلي الإجمالي. وتحسن نسبي مقارنة بالانكماش المسجل في العام الماضي.
ومن جهة أخرى، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه الاقتصاد، بما في ذلك استمرار تراجع قطاع الإنتاج. وانخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، واستمرار الضغوط التضخمية.
كما يشير محللون اقتصاديون إلى أن التعافي الاقتصادي في بريطانيا لا يزال هشًا ويعتمد كثيرًا على تطورات الاقتصاد العالمي. وقدرة الحكومة والبنك المركزي على إدارة التحديات الاقتصادية الراهنة.
ومن المتوقع أن يظل الاقتصاد البريطاني يواجه فترة من النمو المتباطئ والتحديات الهيكلية في المدى القصير والمتوسط. ما يتطلب اتخاذ إجراءات اقتصادية فعالة لتعزيز النمو المستدام وتحسين مستويات المعيشة في المملكة المتحدة.
التعليقات مغلقة.