منصة إعلامية عربية متخصصة فاعلة في مجال الاقتصاد بروافده المتعددة؛ بهدف نشر الثقافة الاقتصادية، وتقديم المعلومات والمصادر المعرفية السليمة التي تسهم في نشر الوعي الاقتصادي، ومساعدة أصحاب القرار في اتخاذ القرارات الصائبة التي تقود الاقتصاد نحو تنمية فاعلة ومستدامة.

بورصة أبو ظبي | فوتسي

الأسهم الأمريكية | ناسداك

بورصة أبو ظبي | فوتسي

الأسهم الأمريكية | ناسداك

الرابط المختصر :

هل تصبح السعودية “وادي السيلكون” في الشرق؟  

أرست المملكة دعائم نهضتها في قطاع التكنولوجيا ونجحت بجدارة في إنشاء بيئة رقمية حاضنة؛ لتصبح وبجدارة مركزًا إقليميًا لصناعة تكنولوجيا المعلومات، وبمثابة “وادي السيليكون” في منطقتها العربية والشرق الأوسط. اتّساقًا مع “رؤية السعودية 2030” وأهدافها واستراتيجياتها.

تطوير قطاع الاتصالات

قطاع الاتصالات كان من أبرز مستهدفات المملكة للتطوير تماشيًا مع رؤيتها التي تهدف إلى أن يكون إسهامه في الناتج الإجمالي لا يقل عن 50 مليار ريال على امتداد 5 أعوام. إضافة إلى رفع مشاركة المرأة في القطاع بنسبة 50%.

كما يشهد قطاع تكنولوجيا المعلومات في المملكة، خلال هذه المرحلة، تحولًا لافتًا على المستويين الدولي والإقليمي، ودعمًا حكوميًا كبيرًا. الأمر الذي مكن القطاع من الاستمرار في التطوير والتحديث، سعيًا إلى مواكبة التطورات الهائلة التي يشهدها هذا المجال بشكل دائم ومستمر.

في حين يتوافق ذلك مع رؤية 2030 التي تهدف إلى بناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار والتفكير المستقبلي. وجذب الاستثمار الأجنبي في هذا المجال بشكل أكبر.

بينما سعت المملكة إلى توطين صناعة البرمجيات على أرضها وقطعت شوطًا كبيرًا بهذا الجانب. في ظل نسبة انتشار الإنترنت في المملكة التى تجاوزت  90%. ما وضعها ضمن أعلى 20 دولة في العالم استخدامًا للإنترنت.

خطوات جيدة

كما اتخذت المملكة خطوات مهمة لاستخدام الإنترنت بشكل هادف ليعود بأثر اقتصادي واجتماعي إيجابي. وذلك من خلال تمكين المستخدمين بالمملكة من إنجاز وإنهاء معاملاتهم الخاصة بالخدمات الحكومية بكل يسر وسهولة. وعبر إطلاق صندوق الخدمة الشاملة. وحتى شروعها في تنفيذ مشروعات نشر النطاق العريض التي هي جزء من برنامج التحول الوطني.

وبناء على ذلك اتجهت العديد من الوزارات والشركات إلى تبني التكنولوجيا الرقمية واستثمارها في القطاعات المختلفة. منها مذكرة تعاون لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات مع مجموعة “ديفوتيم” العالمية. تشمل إنشاء مركز للابتكار وتسريع الحلول الرقمية.

وسوف يكون هذا المركز بوابة لتقديم خدمات التحول الرقمي في المملكة. ودعم برامج التحول الرقمي للجهات الحكومية، وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط.

ويعتزم تقديم وظائف وفرصًا تدريبية ذات مهارات عالية لدعم برامج التوطين، في إطار رؤية 2030. ويكون مركزًا للابتكار واحتضان رواد الأعمال في القطاع من خلال تحفيز نماذج أعمال رقمية مبتكرة.

بينما أصبح الأفراد والشركات يدركون -على نحوٍ متزايد- أهمية البوابات والمنصات الجديدة التي تتيحها التكنولوجيا. والتي تساعدهم على تحديد الحاجة الماسة لتطبيق ممارسات توازن بين تحقيق الاستدامة وتحقيق الربحية. إلى جانب تزايد اهتمام المدارس والجامعات في كل أنحاء المملكة بأن تقدم إلى السوق مواهب تكنولوجية قادرة على الإبداع والابتكار.

إصلاحات جادة

يعتبر المشروع العملاق نيوم NEOM في طليعة المشروعات التى تعزز طموحَ المملكة في أن تكونَ بمثابة وادي السيليكون لمنطقة الشرق الأوسط. حيث يرتكز اعلى تكنولوجيا المعلومات، وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي. ما يمثل مصدر جذب للشركات العالمية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي، على أرض المملكة.

ولم يقتصر الأمر على شركات التكنولوجيا الكبرى فقط. لكنه امتد إلى المبدعين والمبتكرين. حيث اتخذت حكومة المملكة، وفقًا لرؤية 2030، إجراءات حاسمة. شملت تشجيع أصحاب الابتكارات من كل أنحاء العالم للقدوم إلى المملكة للاستثمار. والاستفادة من حاضنات الأعمال، وتوفير التمويل واكتساب الخبرات المناسبة.

وتضمن ذلك زيادة مدة الترخيص للاستثمار الأجنبي لخمس سنوات قابلة للتجديد. وتقليص مدة استخراج التراخيص لأقل من 3 ساعات. وإتاحة العمل بالتراخيص الرقمية.

كذلك إتاحة الفرصة أمام روَّاد الأعمال الراغبين في تأسيس مشاريع ريادية بالمملكة للحصول على ترخيص من خلال خطوتين. الأولى توفير عقد تأسيس الشركة، والثانية توفير ما يفيد القبول أو الاعتماد من الجامعات أو حاضنات الأعمال في المملكة.

وهي إصلاحات جادة تضاف لبقية الإصلاحات التي شهدتها بيئة العمل في المملكة. والتي شملت أيضًا سن أنظمة تشريعية جديدة، وتعديل أخرى، لتوفير بيئة استثمارية وتجارية جاذبة وعادلة، وتوعية وحماية المستهلك والتاجر، وتطوير الخدمات الإلكترونية.

أثمرت كل تلك الإجراءات والجهود عن استقطاب الاقتصاد السعودي لرواد من مختلف الجنسيات احتضنتهم المملكة خلال السنوات الماضية. دعمتهم وساندتهم، عبر مؤسساتها المختلفة، حتى تمكنوا من تحويل أفكارهم إلى مشروعات وعلامات تجارية رائدة.

رؤية 2030 خارطة الطريق للتنوع والابتكار

بدوره قال الدكتور أحمد بانافع؛ خبير شؤون التكنولوجيا وأستاذ بجامعة سان هوزيه الحكومية في وادي السيليكون بكاليفورنيا: “إن تحول المملكة العربية السعودية إلى وادي السيليكون طموح واقعي، خصوصًا أنها اتبعت خطوات استراتيجية لتحويل اقتصادها، وترسيخ نفسها كمركز عالمي للتكنولوجيا، وذلك في إطار رؤية 2030”.

وأضاف “بانافع“؛ في تصريحات خاصة لـ “الاقتصاد اليوم”، أن المملكة تركز على الابتكار والاستثمار في الشركات الناشئة. وتقديم سياسات مشجعة للأعمال؛ ما يجعلها وجهة تقنية صاعدة في منطقة الشرق الأوسط.

وتابع: “إن رؤية 2030، تمثل الأساس لدفع السعودية نحو اقتصاد قائم على التكنولوجيا، وتهدف إلى تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط”.

وأكمل: “أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هذه الرؤية، التي تركز على تطوير البنية التحتية، وتمكين المواهب المحلية، وجذب الاستثمارات الأجنبية. من خلال هذا التوجه تسعى المملكة إلى بناء نظام بيئي تكنولوجي حديث يمكن أن ينافس نجاحات وادي السيليكون”.

تعزيز بيئة الشركات الناشئة

وواصل “بانافع”: “شهد قطاع الشركات الناشئة في السعودية نموًا كبيرًا بفضل دعم الحكومة وتخفيف القيود التنظيمية. وفي عام 2023 جمعت الشركات الناشئة السعودية ما يزيد على 2.3 مليار دولار عبر 145 صفقة؛ ما يعكس تزايد جاذبية المملكة كمركز لرواد الأعمال”.

وأضاف أنه مع المبادرات، مثل: الشركة السعودية للاستثمار الجريء، وصندوق الاستثمارات العامة. يتم ضخ استثمارات ضخمة في الشركات الناشئة عالية النمو لدعم الابتكار، بالإضافة إلى توفير فرص عمل في القطاع التكنولوجي.

إنشاء مناطق اقتصادية خاصة

أكد الأستاذ بوادي السيلكون أنه لجذب المواهب العالمية والاستثمارات الأجنبية المباشرة أطلقت المملكة مناطق اقتصادية خاصة تقدم سياسات داعمة للأعمال. حيث توفر هذه المناطق للشركات مزايا، مثل: تخفيض الضرائب، وإعفاءات من الرسوم الجمركية، وتسهيلات في اللوائح التنظيمية.

كما تتيح للعاملين الأجانب وعائلاتهم الاستفادة من تخفيض الرسوم؛ ما يسهل استقطاب الكفاءات المهنية. ومن خلال هذه المناطق تهدف المملكة إلى توفير بيئة تنافسية للشركات التقنية؛ ما يوازي الحوافز المتاحة في وادي السيليكون.

التعاون مع شركات التكنولوجيا العالمية

وأضاف “بانافع”: “أدركت المملكة أهمية الشراكات، ودعت كبرى شركات وادي السيليكون للتعاون في تطوير التكنولوجيا. ودعت أرامكو؛ الشركة النفطية السعودية، شركات وادي السيليكون للتعاون معها في تطوير حلول رقمية متقدمة”.

وأكد أنه من خلال هذه الشراكات تسعى السعودية إلى تبادل المعرفة، وبناء قدرات تقنية متقدمة. وتعزيز الابتكار داخل المملكة، مثل: جوجل السحابية، وأمازون، ومايكروسوفت. وأوراكل، وشركات عالمية وقعت اتفاقيات لنقل الخبرات، وفتح مراكز في المملكة.

تنظيم فعاليات تقنية كبرى

وأشار الأستاذ بوادي السيلكون إلى استضافة السعودية فعاليات تقنية ضخمة لتعزيز مكانتها كمركز تكنولوجي إقليمي. مثل: مؤتمر “ليب” LEAP، الذي يجمع بين رواد الأعمال والمستثمرين وقادة التكنولوجيا من جميع أنحاء العالم لمناقشة مستقبل الابتكار.

بينما تسهم هذه الفعاليات في تعزيز رؤية السعودية على الساحة العالمية. وتوفر فرصًا للتعاون؛ ما يجذب الشركات والمستثمرين للسوق السعودية.

مستقبل واعد للقطاع التقني

وذكر “بانافع” أن التزام السعودية ببناء نظام بيئي تكنولوجي نابض بالحياة واضح من خلال استثماراتها، وإصلاحاتها، وشراكاتها الاستراتيجية. ويسهم التركيز على دعم الشركات الناشئة، وتقديم سياسات داعمة للأعمال. والدخول في شراكات عالمية، في تحويل المملكة بسرعة إلى مركز ابتكار إقليمي.

ومع أن الطريق لا يزال طويلًا إلا أن التقدم الذي حققته السعودية يشير إلى مستقبل واعد. حيث يمكنها أن تنافس المراكز التقنية التقليدية، وتسهم في المشهد التقني العالمي.

كما أوضح أنه مع النظام البيئي المتنامي الذي تدعمه رؤية 2030 بات حلم السعودية بأن تصبح وادي السيليكون في الشرق الأوسط أقرب إلى الواقع. لتصبح رحلتها نموذجًا يحتذى به للدول التي تسعى إلى تنويع اقتصاداتها والاستثمار في مستقبل تقني.

مساهمات الصندوق السيادي السعودي

ومن جانبه قال المهندس علاء بادخن؛ مؤسس شركة 4DOTs السعودية ومستشار في البحث والتطوير، إن المملكة اتخذت خطوات عملية لدعم مستقبل ريادة الأعمال في السعودية. وهذا ما يؤكد أنها تسير في طريق تحولها إلى منافس قوي لوادي السيليكون.

كما أضاف “بادخن” أنه طبقًا لمصادر رسمية فإن الخطوات التي اتخذها الصندوق السيادي السعودي خير دليل على ذلك. والذي -بحسب آخر تقرير له- يدير حجم أصول يقدّر بـ 2,871 مليار ريال. من خلال 4 مكاتب دولية تتبع للصندوق بمقره الرئيسي في الرياض. بنسبة استثمارات عالمية تبلغ نحو 20% من الاجمالي. حتى إنه أنشأ 23 شركة بمختلف القطاعات خلال عام 2023.

في حين رصد تفاصيل اتفاق الصندوق و”جوجل كلاود”، مؤخرًا، على شراكة استراتيجية لإطلاق مركز عالمي جديد للذكاء الاصطناعي. يقع قرب مدينة الدمام في المنطقة الشرقية.

بينما تتضمن الشراكة تطوير قدرات الكفاءات السعودية في سوق العمل. عبر برامج ذكاء اصطناعي ومهارات رقمية تفيد الملايين من الطلاب والموظفين. بما يتماشى مع المستهدفات الاستراتيجية للمملكة. عن طريق تحقيق نمو بنسبة 50% في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات.

وبموجب الشراكة يتمكن العملاء من استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من “جوجل كلاود” لدعم النمو في مختلف القطاعات. وزيادة قدرة تطوير التطبيقات ونماذج الذكاء الاصطناعي.

وأكد مؤسس شركة 4DOTs أن الشراكة سوف تحقق مفهوم البنية التحتية عالية الأداء والمخصصة لأغراض وأعمال الشراكة. وأيضًا أحدث مسرّعات وحدات معالجة الطرفية (TPU) ووحدات معالجة الرسومات (GPU) المتخصصة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي. إضافة إلى منصة ” Vertex AI”، وهي منصة التطوير المتخصصة من جوجل كلاود. التي تمكن العملاء من إنشاء تطبيقات ذكاء اصطناعي توليدي.

 “السعودية للاستثمار الجريء”

كما أن هذه الشراكة خاضعة للحصول على الموافقات التنظيمية المطلوبة. وتشير تقديرات البحث الأولي، الذي أجرته شركة “جوجل كلاود”. من خلال شركة “أكسس بارتنرشيب” الاستشارية المتخصصة في مجال سياسات التقنية، إلى أن مركز الذكاء الاصطناعي الجديد يمكن أن يضيف بشكل تراكمي ما يزيد على 265 مليار ريال (قرابة 71 مليار دولار) إلى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة خلال ثماني سنوات.

وتطرق “بادخن” إلى الشركة السعودية للاستثمار الجريء والتي لها دور في هذا التحول؛ فهي تهـدف إلى تطويــر منظومـة الاسـتثمار الجريء؛ عبر تحفيز الاستثمار في الصناديق الاستثمارية والاستثمار بالمشاركة مع مجموعات المستثمرين الملائكيين.

ويأتي ذلك لسد الفجوات التمويلية وتحفيز الاســتثمار في الشــركات الناشــئة والمنشآت الصغيرة والمتوسطة بمراحل نموها الأولية والمبكرة والمتقدمة.  عن طريق اســتثمار 2.8 مليار ريال (750 مليون دولار).

وبحسب تقرير الشركة لعام 2023 أبرمت 125 صفقة والتي تم الاستثمار فيها بقيمة 5.2 مليار ريال. وشملت الصفقات تنوعًا في القطاعات التابعة للشركات؛ ومنها: التجارة الإلكترونية، والأمن السيبراني، والتقنيات المالية، وبرمجيات الشركات؛ وتقنيات التعليم، والنقل والخدمات اللوجستية وغيرها.

 برنامج تنمية تقنية المعلومات

وسلط “بادخن” الضوء على برنامج تنمية تقنية المعلومات، أحد البرامج التابعة لمنظومة الاقتصاد الرقمي والابتكار والفضاء ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات. والذي يساهم في تعزيز منظومة قطاع تقنية المعلومات وزيادة فاعليته وضمان استدامة نموه باستخدام العديد من المقومات المالية والمعرفية. وحقق ما يلي:

  • 7.9 مليار ريال تأثير الناتج المحلي الإجمالي من الشركات الناشئة التي يدعمها البرنامج؛ ما يسهم مباشرة في تحقيق أهداف رؤية 2030 الطموحة للبلاد.
  • كذلك توفير 12950 وظيفة جديدة. ودعم التوظيف الماهر ودفع النمو الاقتصادي.
  • إنشاء أكثر من 568 شركة ناشئة بهياكل دعم قوية. ما يتيح الابتكار من المراحل الأولى إلى الاكتتاب العام الأولي.
  • إضافة إلى جمع 4.3 مليار ريال في تمويل رأس المال الاستثماري. من قبل الشركات الناشئة المدعومة. ما يعكس ثقة المستثمرين المحليين والعالميين في المشهد التكنولوجي في المملكة العربية السعودية.
  • كما انتقلت أكثر من 100 شركة دولية إلى المملكة العربية السعودية. وهذا يعزز نظامنا البيئي التكنولوجي والشراكات العالمية.

 

الرابط المختصر :

التعليقات مغلقة.