وقف إطلاق النار في غزة.. خبراء: مجلس الأمن يُعيد الملاحة في البحر الأحمر للحياة
في جلسة تاريخية، اليوم الاثنين، أصدر مجلس الأمن الدولي قرارًا بوقف إطلاق النار في غزة خلال الأسبوعين المتبقيين من شهر رمضان الجاري، ما يمنح الفلسطينيين في القطاع هدنة من ويلات الحرب.
اخترنا لك.. حرب غزة.. حملات المقاطعة توجه ضربة قوية لأكبر سلسلة مطاعم عالمية
وقف إطلاق النار في غزة
ويعيد القرار في الوقت نفسه الحياة إلى الملاحة البحرية الدولية التي تأثرت بامتداد الحرب إلى مناطق أخرى في المنطقة، وفق ما أوضح الخبراء.
أن تأتي متأخرًا
قرار مجلس الأمن جاء بعد عدوان إسرائيلي استمر 171 يومًا حتى الآن، شهدت مشروعات قرارات مماثلة انتهت أمام فيتو دول دائمة العضوية في المجلس، في حين سقط عشرات الآلاف من الفلسطينيين شهداء وجرحى ومفقودين تحت الأنقاض.
وجاء القرار بشق الأنفس، بعدما كانت روسيا تقدمت بمقترح لوقف دائم لإطلاق النار في غزة، لكن ممثل الولايات المتحدة في المجلس رفضه مستغلًا حق الفيتو، قبل أن يتوافق الجميع على حذف كلمة “دائم”، ليقتصر القرار على ما تبقى من شهر رمضان، ولكن مع امتناع الولايات المتحدة عن التصويت.
مكاسب كبرى وثمن غالٍ
يفرض قرار مجلس الأمن على المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال وقفًا فوريًّا للقتال، ما من شأنه تنفيذ بقية بنود القرار، وعلى رأسها تبادل الأسرى والمحتجزين لدى الجانبين، وإجبار إسرائيل على السماح بمرور شاحنات المساعدات من المعابر البرية إلى القطاع المحاصَر دون قيد أو شرط، وهو ما كان جيش الاحتلال يتعنت فيه، بل ويستخدمه طعمًا ليحتشد المدنيون حول شاحنات المساعدات، ويرتكب بحقهم المجازر.
ترحيب فلسطيني وصدمة لنتنياهو
رحبت المقاومة الفلسطينية بالقرار، مُعلنة عزمها الالتزام ببنوده، والبدء الفوري في صفقة لتبادل الأسرى انطلاقًا من مبدأ “الكل مقابل الكل”. لكن رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو اعتبر موفقة الولايات المتحدة على مشروع القرار طعنة في ظهره، وقرر إثرها إلغاء إرسال وفد إسرائيلي إلى واشنطن للتفاوض بشأن الأسرى.
ويفتح هذا الباب أمام احتمال أن يكون الكيان الصهيوني لا ينوي التوقف عن إبادة المدنيين في غزة، فضلًا عن احتمالات نقل العدوان من غزة إلى الضفة الغربية المحتلة، وحشد القوات على جبهة الحدود الشمالية مع اللبنانية، وهو ما ستسفر عنه الأيام المقبلة، خاصة وأن عدم التزام إسرائيل سيجعلها في مواجهة مع الدول التي تعطلت تجارتها البحرية من جراء هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر على خلفية الحرب في غزة.
استقرار الملاحة البحرية الدولية
رئيس مجلس إدارة الشركة العربية المتحدة للشحن والتفريغ والعضو المنتدب الأسبق، الدكتور مصطفى النحاس، يرى أن يأتي القرار بنتائج إيجابية مع التوقف المنتظر للهجمات على السفن من اليمن عند عبورها مضيق باب المندب الحيوي لحركة سلاسل الإمداد وخطوط الشحن العالمية.
حرب غزة كشفت أهمية قناة السويس
ويتوقع النحاس انخفاض أسعار الشحن والتأمين البحري وتحسن وزيادة مرور السفن بقناة السويس التي أبرزت الأزمة أهميتها كمجرى ملاحي آمن لخدمة حركة التجارة العالمية بين الشرق والغرب.
وفي هذا الشأن يوضح رئيس قطاع النقل البحري ورئيس موانئ البحر الأحمر الأسبق ورئيس غرفتي الملاحة في السويس والبحر الأحمر، اللواء محمد عبد القادر جاب الله، أن أسعار نولون الشحن وتكاليف الحراسات الأمنية كانت تمثل فاتورة ثقيلة تنعكس على الأسعار في كل العالم.
وتابع جاب الله :”مع توقف القتال في غزة من المنتظر أن تنخفض التكاليف وتزداد معدلات مرور السفن في المجرى الملاحي الأهم في العالم”.
مخاوف مستمرة رغم قرار مجلس الأمن
المدير العام السابق لشركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ، الدكتور خالد المعايطة، يلفت إلى أن امتناع الولايات المتحدة عن التصويت لصالح قرار مجلس الأمن رغم عدم عرقلته، يجعل القرار غير ملزم، ما يثير الشك في مدى التزام الإسرائيليين به، وهو ما سيتسبب بالتالي في استمرار الهجمات التي تتعرض لها السفن في البحر الأحمر من قبل الجماعات الموالية لإيران، خاصة وأن منفذي هذه العمليات سبق أن تعهدوا بمنع عبور السفن ما دامت الحرب مستمرة.
ويشير هنا أستاذ الاقتصاد واللوجيستيات الدكتور أيمن النحراوي إلى أن تنفيذ قرار مجلس الأمن من المفترض أن يلغي ذريعة الحوثيين الذين يهاجمون السفن من اليمن، مذكّرًا بأن كل ما فعلوه منذ 19 نوفمبر الماضي، تاريخ أول هجوم لهم على سفينة تجارية دولية وحتى اليوم، لم يقلل من جرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة، ولم يغير حتى من موقف حليفتيها الولايات المتحدة وبريطانيا، بل إن الآلة الإعلامية صارت تُسلط الضوء على أزمة الملاحة الدولية قرب باب المندب بدلًا من الانتهاكات الإسرائيلية.
ويضيف النحراوي أن مهاجمة الحوثيين للسفن دفعت شركات التأمين البحري لاعتبار منطقة خليج عدن ومضيق باب المندب منطقة أعمال عسكرية وحروب، وبالتالي ارتفعت نفقات تأمين الحاويات والبضائع، حتى إن أسعار نوالين الشحن الدولية ارتفعت 60%، وخسرت قناة السويس أكثر من 50% من إيراداتها خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، بسبب انسحاب خطوط الشحن العالمية إلى الإبحار عبر رأس الرجاء الصالح.
مقالات ذات صلة:
حرب غزة تجبر إسرائيل على خطط استدانة بـ60 مليار دولار
مجلس الوزراء يطالب بضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على غزة
غزة تستنزف الاقتصاد الإسرائيلى.. انكماش وخسائر فاقت التوقعات
المصادر:
تصريحات خاصة لخبراء بقطاع النقل البحري
التعليقات مغلقة.