“مترو الرياض” خطوة جديدة في طريق تنمية المملكة
مع انطلاقة التشغيل الفعلي لمترو الرياض، اليوم الأحد، أصبحت المملكة على موعد مع طفرة جديدة في قطاع النقل، ضمن مستهدف الدولة التوسعي لتحقيق تنمية واضحة يشعر بها المواطن السعودي، وفي إطار عام تتبناه رؤية 2030.
“مترو الرياض” والمواطن
ولعل الطاقة الاستعابية للمترو المرشحة الوصول إلى 3.6 مليون راكب يوميًا، مع افتتاح جميع محطاته يبرز مدى النقلة النوعية التي سيحققها تشغيل هذا المرفق المهم في المملكة. كما أنه يعد بابًا سهلًا للدعاية والإعلان في ظل هذا الكم الهائل من مرتادي المترو.
وطبقًا للموقع الرسمي للهيئة الملكية لمدينة الرياض، فإن “مترو الرياض” يقع ضمن خطة كبير وضعتها الهيئة لتوفير حلول متكاملة للنقل العام في العاصمة. وتزويد سكان المدينة وزوراها بخدمات نقل عام مناسبة تلبي احتياجاتهم الحالية والمستقبلية.
بينما يهدف المشروع إلى بناء وتشغيل شبكة نقل عام سريعة وفق أحدث التقنيات العالمية. ما يوفر للسكان خيارات تنقّل اقتصادية، تسهم في الحد من الاستخدام المفرط للمركبات الخاصة.
كما تسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي والمحافظة على البيئة، إضافةً إلى تسهيل حركة المرور، وربط مختلف أجزاء المدينة من خلال 6 مسارات للقطار. و85 محطة قطار. و80 مسارًا للحافلات. 2860 محطة حافلات. 842 حافلة؛ ما يسهم بدوره في خفض التكس المروري بالعاصمة الرياض.
محاور المترو
وقد اختيرت ستة محاور رئيسة بطول إجمالي يبلغ 176 كيلومترًا، وبمحطات عددها 85 محطة. تغطي معظم المناطق ذات الكثافة السكانية والمنشآت الحكومية والأنشطة التجارية والتعليمية والصحية. وترتبط بمطار الملك خالد الدولي ومركز الملك عبد الله المالي والجامعات الكبرى ووسط المدينة ومركز النقل العام.
بينما يركز مشروع قطار الرياض على رؤية طموح، تتمثل في تحقيق استدامة قطاع النقل الحضري في العاصمة. عبر تعزيز مبادرات التوعية والكفاءة البيئية لإحداث نقلة نوعية ترتقي بحلول التنقل في المدينة لآفاق غير مسبوقة.
تسهم شبكة قطار الرياض على نحو فعّال في خفض غازات الاحتباس الحراري الضارة. والتخفيف على نحو ملموس من ارتفاع درجات الحرارة في المدينة عبر تقديم خيارات نقل مستدامة. وتعزز المساعي الرامية لتحسين جودة الحياة لسكان المدينة وزوارها، وتهيئة بيئة صحية للجميع.
بينما تُجسّد تصاميم محطات قطار الرياض نموذجًا فريدًا للبنية التحتية المستدامة، وترسي معايير جديدة للتصميم البيئي. كما تعكس كل محطة من محطات المشروع التزامًا عميقًا بالاستدامة، ويتجلى في تدابير شاملة لترشيد استهلاك الكهرباء والمياه. وتحسين جودة الهواء الداخلي، والاستفادة من المواد والمكونات المحلية، وتعزيز عمليات إعادة تدوير النفايات.
علاوةً على ذلك، لم يقتصر المشروع على إعطاء الأولوية للمواد الخضراء منخفضة الانبعاثات فحسب. بل ركّز على استغلال مصادر الطاقة المتجددة، مثل: الخلايا الكهروضوئية. وذلك بهدف توفير إمدادات طاقة نظيفة ومستدامة تلبي احتياجات المشروع، وتقلل من تأثيره البيئي.
فعلى سبيل المثال، تم تركيب 5448 مترًا مربعًا من ألواح الطاقة الشمسية في مركز الصيانة الغربي على المسار الثالث (المسار البرتقالي). وتعمل على توفير 33% من احتياجات هذه المنشأة من الكهرباء؛ ما يعكس التوجه القوي للمشروع تجاه الاستدامة، وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية.
نمو الاقتصاد السعودي
بدوره، قال الدكتور عبد الله بن أحمد المغلوث؛ عضو جمعية الاقتصاد السعودية: “إن إطلاق مترو الرياض بالتزامن مع إعلان ميزانية السعودية التوسعية 2025، يعطي رسالة للعالم بقوة الاقتصاد السعودي، وبأن الإنفاق مستمر، سواء على مشاريع البنية التحتية أو المشاريع الرأسمالية”.
وأضاف “المغلوث”، في تصريحات خاصة لـ “الاقتصاد اليوم“، أن إطلاق مترو الرياض يتزامن مع وقت تعاني فيه عواصم اقتصادات عالمية كبرى من أزمات اقتصادية دفعتها إلى ترشيد الإنفاق، ووقف المشاريع التوسعية. وعلى النقيض فالرياض لم تفعل هذا، بل تواصل الإصلاحات الهيكلية والإنفاق لتعزيز التنمية.
واعتبر أن تثبت أنظمة النقل الفعّالة، مثل: المترو، لها القدرة على تحقيق فوائد اقتصادية تتجاوز التحليلات التقليدية للتكلفة والفائدة؛ حيث تشير الدراسات إلى وجود علاقة وثيقة بين قطاع النقل ومعدلات التوظيف.
وأوضح “المغلوث” أن خفض التكاليف ووقت التنقل يسهم في تعزيز فرص العمل، وتوافق أفضل بين أصحاب العمل والباحثين عن وظائف. كما أن هذا النظام يعزز الإنتاجية، ويزيد من جاذبية المناطق التجارية؛ ما يدعم النمو الاقتصادي.
“مترو الرياض” ومنظومة النقل
أكد “المغلوث” أن مترو الرياض يعد استكمالًا لمنظومة النقل العام في العاصمة بشقّيه الحافلات والقطار. كما أنه يؤسس لنظام نقل عصري بمعايير عالمية، يراعي خصائص هذه المدينة وواقعها على نحو مستدام، ويجعلها الوجهة الأكثر تنافسية كمركز مالي وتجاري إقليمي.
وتابع: “يحول ذلك الرياض إلى مدينة عالمية بمواصفات مختلفة تقدم قيمة مضافة لقاطنيها، نحن أمام عاصمة باتت تنافس واشنطن وبكين ولندن وغيرها من عواصم صناعة القرار السياسي والاقتصادي في العالم. لما تقدمه من خدمات لوجستية بداية من العيش إلى النقل، ثم السياحة والترفيه حتى التجارة والاستثمار”.
وواصل “المغلوث” أن المواطن العادي سيجني ثمار وجود المترو بمساراته الستة على امتداد 176 كيلومترًا. باختصار للزمن، وتخفيض تكاليف التنقل. وسيكون حلًا عمليًا وتفاديًا لمشكلة الازدحام المروري، التي تواجهها معظم المدن الكبرى في العالم. وتوفير الوقود من التنقل بالسيارات بمئات آلاف اللترات يوميًا. إضافة إلى تقليل الانبعاثات، وتحسين الواقع البيئي في العاصمة. فضلًا عن توفير فرص عمل جديدة في المشروع والأعمال المساندة. وتنويع خيارات السكن، وتملك العقارات في مناطق الرياض ومحيطها.
التوسع الأجنبي
وتطرق “المغلوث” إلى فطنة الشركات الأجنبية والمستثمرين الذين التقطوا الإشارة مبكرًا من الرياض بشأن جدية التحولات الاقتصادية الجارية في السعودية. حيث نقلت 540 شركة عالمية مقارها الإقليمية إلى الرياض، والبدء في ضخ مزيد من الاستثمارات فيها.
وأضاف: “تظهر الكثير من الأبحاث وجود ارتباط وثيق بين جودة وسائل النقل ومستوى حياة السكان ورضاهم في الرياض. حيث يعتمد نحو 90% من السكان على السيارات الخاصة أو سيارات الأجرة للتنقل؛ ما يؤدي إلى آثار سلبية، مثل: تلوث الهواء، وازدحام الطرق، والتوتر، وقضايا الأمان الشخصي”.
وذكر “المغلوث” أنه طبقًا للأبحاث فالاعتماد على السيارات يؤدي إلى ما يُسمى “العزلة الاجتماعية”. حيث قد يتجنب الكثيرون زيارة العائلة أو الأصدقاء لتفادي الزحام. كما يوفر نظام المترو الجديد حلًا لهذه المشكلات؛ حيث سيسهم في تسهيل الوصول إلى الأنشطة الاجتماعية، وتقليل العزلة، وبالتالي تحسين جودة الحياة.
كتب: مصطفى عبد الفتاح
التعليقات مغلقة.