لماذا تجذب الشركات الناشئة الأمريكية والعربية تمويلات رأس مال الجريء؟ خبير يوضح

تنبأ المستثمرون والمحللون بانهيار واسع النطاق للشركات الناشئة منذ انتهاء حقبة “ZIRP” في عام 2022. وفشل العديد منها بالفعل في جذب المال الجريء، ولكن شركات ناشئة أخرى خفضت التكاليف، وسمح لها الاقتصاد القوي بمواصلة النمو، حتى لو كان معدل نموها أقل من توقعات المستثمرين.
يذكر أن حقبة “ZIRP”. أو حقبة أسعار الفائدة الصفرية، هي تلك الحقبة التي شهدتها اليابان والولايات المتحدة في الفترة من ديسمبر 2008 حتى ديسمبر 2015. علاوة على مارس 2020 حتى مارس 2022 في ظل جائحة كوفيد-19.
وهو تخفيض أسعار الفائدة إلى صفر في المئة. في وقت تتجاوز فيه المدخرات الاستثمارات.
وبحسب مزود البيانات PitchBook، اجتذبت الشركات الناشئة الأمريكية 91.5 مليار دولار من تمويل رأس المال الاستثماري في الربع الأول من عام 2025.
ولا يتجاوز هذا الرقم مخصصات الربع السابق بنسبة 18.5% فحسب. بل يمثل أيضًا ثاني أعلى استثمار ربع سنوي في العقد الماضي.
ومن بين مبلغ 91.5 مليار دولار الذي جمعته الشركات الناشئة الأمريكية في الربع الأخير من العام الماضي. فإن 44% من الاستثمارات حصدتها شركة واحدة وهي OpenAI والتي حصدت تمويلات بقيمة 40 مليار دولار.
كما وجد PitchBook أيضًا أن تسع شركات أخرى جمعت 500 مليون دولار أو أكثر، بما في ذلك أنثروبيك بقيمة 3.5 مليار دولار وجولة Isomorphic Labs بقيمة 600 مليون دولار. وهو ما يمثل 27% إضافية من إجمالي قيمة الصفقة.
على الرغم من هذه الأخبار التي تبدو إيجابية. يبدو أن كايل ستانفورد؛ كبير محللي رأس المال الاستثماري في الولايات المتحدة في PitchBook، هو الأكثر تشاؤمًا بشأن عقد صفقات رأس المال المخاطر منذ أن بدأ تغطية هذا السوق قبل 11 عامًا.
أجواء سلبية
التوقعات المحطمة بأن عام 2025 سيجلب عمليات تخارج كبيرة. ما يخلق دورة تولد فيها الاكتتابات العامة الأولية وعمليات الاستحواذ الكبيرة أطنانًا من الأموال للمستثمرين، علاوة على المؤسسين الذين سيوجهون بعد ذلك الكثير من الأموال إلى تمويل الشركات الناشئة.
ولكن تقلبات سوق الأسهم والمخاوف من الركود الناجم عن سياسة التعريفة الجمركية. التي ينتهجها الرئيس ترامب قد أفسدت هذه الآمال. ولا ترغب الشركات الناشئة في الظهور لأول مرة في الأسواق العامة في وقت تنخفض فيه أسعار الأسهم بسبب المشكلات الاقتصادية العالمية.
تأجيل الاكتتابات
وتدرس العديد من الشركات الناشئة، بما في ذلك شركة Klarna للتكنولوجيا المالية وشركة Hinge للعلاج الطبيعي. تأجيل اكتتاباتها الأولية وسط اضطراب السوق. أما بالنسبة لإجمالي الصفقات القوية التي تم إبرامها في الربع الأول. فقد قال “ستانفورد” فإن الظروف الحالية لا تزال ضبابية. وأنه من المتوقع أن يزداد عدد الصفقات عقب أن تتضح الرؤية بالكامل.
الشركات العربية مستمرة في جذب التمويلات
تصدرت السعودية والإمارات الأسواق الجاذبة لرأس المال والاستثمار الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خلال الربع الأول من العام الحالي.
واحتلت المملكة المركز الأول عالميًا بين الأسواق الناشئة، إذ استقطبت تمويلات بقيمة 391 مليون دولار. فيما جمعت الإمارات نصف هذا المبلغ تقريبًا (195.5 مليون دولار).
ووفقًا لمنصة البيانات “ماغنيت”. جمعت الشركات الناشئة في المنطقة 678 مليون دولار، ويعتبر هذا أقوى أداءً فصليًا لها منذ نهاية عام 2023. كما ارتفع متوسط حجم الصفقات؛ ما يعكس زيادة في رأس المال المتدفق إلى الشركات الناشئة الأكبر حجمًا.
علاوة على ذلك، قفز رأس المال من الاستثمار الجريء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال الربع الأول من عام 2025 مدفوعة بتخفيضات أسعار الفائدة التي عززت ثقة المستثمرين.
وبحسب منصة “ومضة” لأبحاث الشركات الناشئة. بعكس الظروف الاقتصادية الحالية. فإن الشركات الناشئة العربية استطاعت حصد تمويلات 1.5 مليار دولار. بزيادة كبيرة نسبتها 244% مقارنةً بالمبلغ الذي جمع خلال نفس الفترة من العام الماضي. والذي بلغ 442 مليون دولار فقط.
“واصف”: الاستثمار في الكيانات الناشئة أفضل من الشركات الكبيرة
ومن جانبه، أوضح كيرلس واصف، الباحث الاقتصادي. أن الوضع العام لسوق المال الأمريكية من تخبطات وانهيارات، جعل الشركات الناشئة تفضل عدم اقتحام سوق الاكتتابات العامة بالوقت الحالي.
وأكد أن تفضيلات المستثمرين بالوقت الحالي تصب في تمويل الشركات الناشئة، خاصةً أنها تتمتع بالمرونة في إدارة عملياتها، كما أن صغر حجمها ومحدودية عملياتها تجعلها تتلافى الوقوع في مصيدة التعريفات الجمركية.
ولفت “واصف” إلى أن التعريفات الجمركية أدت إلى انخفاض قيمة الدولار الأمريكي. ما دفع بعملاء البنوك لتقليل معدلات ادخارهم في المؤسسات المالية، والاتجاه إلى الاستثمار في الشركات الناشئة.
وتوقع زيادة في الاستثمارات بالشركات الناشئة خلال ما تبقى من العام، إلى جانب تزايد التحوط من الظروف الاقتصادية العالمية باللجوء للملاذات الآمنة مثل الذهب.
الشركات الناشئة العربية
وأوضح “كيرلس” أن الشركات الناشئة بالمنطقة جذبت الاستثمارات سواء من رؤوس الأموال الجريئة أو المعتادة، بسبب معدلات التعريفات الجمركية المنخفضة؛ ما يعد فرصة للعديد من الشركات العربية فيما يخص تصدر منتجاتها واقتحام السوق الأمريكية.
ولفت إلى أن الدول الخليجية وبالأخص المملكة العربية السعودية، تشهد طفرة في الاستثمارات في جميع القطاعات. ما يجعلها أحد أهم الوجهات المفضلة للمستثمرين بالوقت الحالي.
وفي الوقت نفسه أرجع جذب الشركات الإماراتية للتمويلات إلى عدة عوامل. أهمها صفر ضرائب على تأسيس الشركات، مبينًا أن معظم الشركات الناشئة التي تريد أن تدير عملياتها بالشرق الأوسط تتجه إلى الإمارات وبالأخص مدينة دبي.