كيف يؤثر التريند على الاستثمار في الأسهم؟

باتت كلمة “التريند”، التي اعتمدها مجمع اللغة العربية في القاهرة كمصطلح جديد جرى تعريبه، تؤدي دورًا مؤثراً في أسواق المال التي دائماً ما تتأثر بالمعلومات المتداولة لدى المستثمرين.
قد يعجبك.. لزيادة الحاويات المنقولة عبر القطارات في المملكة.. “سار” توقع عقداً مع “كوسكو”
ومصلطح “التريند”، أصبح هامًا للغاية في عالم اليوم الذي تتغير أولوياته واهتماماته بشكل متسارع، ليؤشر إلى ظهور قضايا على السطح لتسيطر على اهتمام غالبية الناس لفترة قصيرة من الزمن قبل أن تتوارى سريعًا لحساب قضايا أخرى، وهكذا.
وفي أسواق المال والأسهم، بات تأثير مصطلح الترند على الأسهم كبيرًا في ظل تزايد المؤثرات على الأسواق وتقلبها وتضاد بعضها، وشدة تأثر الكثير من المتعاملين بالمتغيرات على اختلاف أهميتها.
كيف يؤثر التريند على سوق الأسهم؟
وتكشف دراسة أمريكية عن مدى تاثير التريند على الأسهم، من خلال أحد الأمثلة، وهو أنه إذا تم منح 200 مشارك في سوق الأسهم 17 معلومة إيجابية حول شركة ولتكن “أ”، و34 معلومة إيجابية عن شركة ولتكن “ب” بما في ذلك نتائج أعمال كل شركة وتوزيعات أرباحها ومضاعف الربحية والتوقعات المستقبلية وغيرها من البيانات الرئيسية.
وحسب الدراسة الأمريكية، فإن الشركة “أ” تتمتع بمعطيات أفضل من “ب”، مع طابع إيجابي للشركتين، ولكن عند تخيير الـ200 متداول بين الشركتين اختار 78% الشركة “ب”. وذلك بسبب أن المعلومات المتاحة عنها أكثر، وهو ما يصنع “الترند” في عقول المتداولين، ويدعم تداول الشركات التي تحظى باهتمام إعلامي أوسع، وليس الأفضل بالضرورة.

كما تستشهد الدراسة بمثال حول شركة ميتا. حيث إذا تزايد الحديث عنها فإنه سيكون فيصلياً للغاية في زيادة تبادل أسهمها، ففي أيام الهدوء على سبيل المثال يصل حجم التداول إلى ما يزيد على 10 ملايين سهم بقليل. بينما في أيام الإعلانات الفصلية من جانب الشركة ومع صدور البيانات يصل معدل التداول إلى 40 مليون سهم في المتوسط.
كما أشارت الدراسة إلى أنه مع إعلانات هامة مثل ثبات معدل المستخدمين وصل معدل التداول إلى 80 مليون سهم يوميًا، وبشكل عام يبلغ متوسط التداول للشركة. ما يزيد على 20 مليون سهم بقليل من أصل ما يزيد على 2.5 مليار سهم بقليل. وذلك وفقا لتقديرات شهر نوفمبر 2023، بما يؤشر لزيادة لافتة عن المتوسط مع تواتر الأخبار حول الشركة.
استحواذ شركات التكنولوجيا على الترند
وترى الدراسة أنه إبان جلسات الاستماع التي خضع لها مؤسس الشركة “مارك زوكربرج” في الكونجرس الأمريكي ارتفعت وتيرة التداول بشكل لافت حيث تخطت 40 مليون سهم، على الرغم من أن هذه الجلسات لم تكن مؤثرة على جدول أعمال الشركة وكانت حول الذكاء الاصطناعي ومدى خطورته على البشر.

كما تؤكد الدراسة الأمريكية أن البروز الإعلامي في حد ذاته يؤثر على زيادة حجم التداول للشركات، سواء كانت تلك الأخبار التي يتم تداولها مؤثرة بشكل واقعي على وضع الشركة ومستقبلها، أم أنها مجرد أخبار متعلقة بالشركة تعيدها إلى الواجهة وبالتالي تدفع المستثمرين المحتملين والحاليين إلى إعادة التفكير في موقفهم من الشركة.
وكذلك تقول الدراسة إنه بشكل عام فإن تعرض شركات التكنولوجيا للأخبار باستمرار، يجعلها عرضة دائمًا للوجود في قلب الترند، وهو ما يجعل نسب تداول شركات التكنولوجيا المتقلبة في الولايات المتحدة مثلًا يزيد 80-120% على المتوسط العام لتداول الأسهم، في ظل تعدد رهانات المضاربة عليها على حساب الاستثمار طويل المدى.
تأثير التريند على مستثمري الظل
ونوهت الدراسة إلى ما يسمى بظاهرة “مستثمر الظل”. الذي يقصد به ذلك المستثمر الذي يُقلد تحركات كبار المستثمرين والمحللين في السوق كثيرًا. وهو ما يتسبب في حدوث ظاهرة تأثر سوق الأسهم بـ”التريند” حيث ترتفع أسعار الأسهم وتهوي وفقًا للإشارات التي يرسلها مستثمر كبير أو محلل يحظى بمتابعة واسعة.
وضربت الدراسة الأمريكية مثالاً بما حدث مع شركة النفط الأمريكية “شيفرون” الأمريكية. التي ارتفعت أسهمها خلال شهرين فقط بنسبة 10% مع شراء عدد من كبار المستثمرين. أهمهم “وارين بافيت” لأسهم الشركة، ثم عادت لتنحدر بشدة خلال الشهر الأخير لتتراجع في المجمل بنسبة أكثر من 8% خلال الأشهر الستة الماضية.
العلاقة بين التريند وارتفاع الأسهم
وأوضحت الدراسة أن هذا يعكس حقيقة أن الكثير ممن اشتروا أسهم الشركة اشتروها بفعل “التريند” الصاعد لشراء أسهم الشركة. وتزايد الحديث حولها، ومع تكشّف أنها استثمار طويل المدى، ومع الخوف من تعثرات الإنتاج النفطي في الولايات المتحدة وتراجع أسهم كثير من الشركات الأمريكية في قطاع الطاقة بفعل اضطرابات توليد الطاقة من الرياح قام الكثيرون ببيع حصصهم في الشركة بما تسبب في هبوط سهمها بشكل لافت.
كما أوضحت أن الأهم من هذا كان يتعلق بتدني إيرادات الشركة في الربع الثالث من عام 2023 بشكل كبير. بما أدى أيضًا لانصراف الكثير من المتداولين الذين انضموا للشركة كنوع من المحاكاة لكبار المستثمرين الذين اشتروا أسهمها، وبالتالي انخفض السهم في يوم واحد فقط خلال شهر أكتوبر بنسبة 5% مع الإحباط من الإيرادات.
في حين أشارت إلى أن هذا الهبوط حدث على الرغم من أن “شيفرون” إحدى الشركات “المحظوظة” بوجود قدر كبير من الاستقرار. يأتي من امتلاك مستثمرين كبار لقرابة 65% من أسهم الشركة بما يجعل تحرك أسعار السهم صعودًا وهبوطًا. ضمن نطاقات ضيقة بشكل عام باستثناء ما جاء بسبب “التريند”. الذي حدث قبل أشهر وساهم في زيادة الإقبال على الاستثمار فيها بشكل كبير.
دور منصات التواصل في صناعة التريند
ووصل الأمر إلى حد أن دراسة لمجلة العلوم الحاسوبية وجدت أن هناك ارتباطًا بين معدل تداول الأخبار والشائعات والتحليلات على موقع “إكس” وحجم تداول الأسهم أو صعودها (هبوطها) بنسبة ارتباط شرطي مؤكد وصلت إلى 86.7%، وذلك بغض النظر عما إذا كان الذي يتم تداوله حول الأسهم في إكس صحيحا ومثبتا أم لا.
وترى دراسة مجلة العلوم الحاسوبية أنه مع تداول الشائعات حول سهم بعينه. وعدد من الحسابات ذات المتابعين الكُثر يرتفع الإقبال على التداول بدرجة كبيرة. ويلاحظ هنا أن ما يتم تداوله يكون تخمينات وقراءات وتحليلات أكثر منها معلومات موثوقة. بما يؤشر لكون التأثير غير صحيح في كثير من الأحيان، ويؤدي للمزيد من التذبذب والتضارب في الأسواق.

وذكرت أته على سبيل المثال فقد قاد ارتفاع سوق الأسهم الأمريكية في عام 2021. بسبب انضمام كثير من “الهواة” إلى السوق أملًا في تحقيق الدخل السلبي المرتفع. إلى ارتفاع مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” بنسبة تقارب 27% واستمر في الارتفاع في غالبية عام 2022.
وأرجعت المجلة السبب الأساسي في ذلك إلى تزايد الحديث والإعلانات المحرضة على الانضمام إلى السوق الأمريكي. في عام 2021 بنسبة تفوق 200% عما كانت عليه في 2019، بما قاد لتكوين اتجاه عام واضح يسعى للانضمام للسوق.
وقالت إنه على الرغم من هذا الارتفاع واستمرار التدفقات النقدية فإن حقائق السوق بدأت تظهر وشهد سوق الأسهم حركة تصحيحية. في بداية عام 2023، وعلى الرغم من البيانات الإيجابية الأمريكية حول احتمالات التوقف عن رفع سعر الفائدة وبيانات التشغيل ونسب النمو إلا أن مؤشر “إس آند بي 500” لم يعد بعد إلى مستوى 4766 نقطة القياسي الذي بلغه في نهاية عام 2021.
الاستثمار في التريند
وتشير إلى أنه حسب المنطق الاقتصادي العام أنه في ظل عدم وضوح الرؤية الاقتصادية إبان كورونا. لم يكن ينبغي أن يكون سوق الأسهم في مستويات قياسية. ولكن الاستثمار في “التريند” في السوق وعدم البيع والتمسك بالأسهم ساهم في تضخم السوق ووصوله لقمم قياسية. (ما زال هناك توقعات بأن السوق متضخم في نهاية عام 2023 ولا سيما قطاع التكنولوجيا).
وأكدت أن استثمار “الترند” كان السبب في أن أسهم التكنولوجيا صارت الأشد تأثرًا إبان انخفاض السوق في عام 2020. حيث فقد مؤشر “ناسداك” لأسهم التكنولوجيا 34% تقريبًا من قيمته بسبب التأثر بمخاوف مرتبطة بأسهم كورونا. ويمكن القول إن ما حدث حينها كان انقلاباً لمنحنى التريند للشراء قبل كورونا إلى آخر للبيع.
وتعتبر الدراسة الأمريكية أن الأزمة الحقيقية في تحرك أسواق المال بسبب التريند. أنه يؤدي إلى تضخم أسعار بعض الأسهم أو تقليل قيمة البعض بشكل لا يعكس القيمة الحقيقية للشركات. وهو ما يؤثر على المشاركين في صناعة التريند نفسه، والأهم يؤثر على المستثمرين الجادين الذين قد تتأثر استثماراتهم سلبًا بفعل تغير اتجاه السوق و”مزاجه العام” دون أسباب منطقية بما يؤذي استثماراتهم في بعض الأحيان.
مقالات ذات صلة:
ميناء الجبيل التجاري يسجل زيادة ٢٧% في مناولة الحاويات
التعليقات مغلقة.