صبحة بغورة تكتب التنمية الاحتوائية

تشمل التنمية، التحولات الكلية التي تطرأ على عملية تطوير النشاط، وعلى نتائج التحسين النوعي، والتغيير الهيكلي، والتقدم الوظيفي في قطاعات الإنتاج.
وهي عملية مستمرة، تكون فيها نسبة ومقدار التغير أو التحول في الجوانب المادية في مرحلة معينة، جزءًا منها؛ وهي المقصودة بالنمو.
صبحة بغورة تكتب.. عـالم المبيعات
والنمو الاحتوائي((Inclusive growth؛ مفهوم اقتصادي حديث، يهدف إلى تقديم فرص متكافئة للشركاء الاقتصاديين، مع منح الفوائد التي يتحملها كل قطاع من قطاعات المجتمع.
ويتسع هذا المفهوم لكل نماذج النمو الاقتصادي التقليدية؛ لأنه يركز على المساواة بين كل فئات الشعب في التمتع بالخدمات الصحية والتنمية البشرية والجودة البيئية والحماية الاجتماعية والأمن الغذائي.
وهذا النمو يعني وجود صلات مباشرة بين محددات الاقتصاد الكلي– مثل الناتج القومي الإجمالي، والناتج المحلي الإجمالي، وحجم الإنتاجية-وبين مؤشرات الاقتصاد الجزئي للنشاط الاقتصاد، ونسبة النمو الاقتصادي التي تجسد التحول طبيعة التحول الهيكلي، وسياسة تنويع مصادر النشاط الاقتصادي، وتحسين مناخ المنافسة.
وعلى ذلك، ندرك أن النمو الاحتوائي مستغرق في النمو الاقتصادي، وأنهشرط لاستدامته،علمًا بأنالتركيز على مفهوم الاحتوائية-باحترام مبدأ العدالة، وتكافؤ الفرص؛ بتسهيل إجراءات تسويق المنتجات، وتيسيرالوصول إلى الأسواق والمعارض والمصادروالموارد، والتمتع بمميزات وأحكامالبيئة التنظيمية-؛ هو عنصر أساسي للنمو.
والمغزى من هذه الإشارة؛ هو ما نلاحظه من آثار سلبية على مسار التنمية الاقتصادية؛ كتفاقم مظاهر الفساد المالي.
على الرغم من أن للنمو الاحتوائي نهجًا منظورًا وأطول أمدًا يركز على العمالة المنتجة كوسيلة لزيادة الدخول ودعم القدرة الشرائيةللفئات الفقيرة ورفع مستوى معيشتها.
مشاركة أطياف المجتمع
إذًا،يُعدُّ النمو الاحتوائي نموًا قائمًا على مبدأ مشاركة كافة أطياف المجتمع في جهود التنمية؛ليشعر بمكاسبها المجتمع؛ لذلك فهو نمو لا يغفل عن محاولة دمج البعدين الاقتصادي- ممثلًا في تحقيق هدف بلوغ أعلى معدلات النمو-، وبين البعد الاجتماعي المتعلق بالعدالة الاجتماعية- مُمَثلةً في توزيع الفرص بين المواطنين وبين مختلفالأقاليم الجغرافية للدولة بدون تهميش أو إقصاء.
مميزات النمو الاحتوائي
ويمكننا ملاحظة مميزات النمو الاحتوائي فيما يلي:
– توفير مزيد من مناصب العمل، وفتح مجالات توظيف أوسع.
– تدعيم مبدأ تساوي الفرص للمرأة والرجل للمشاركة في النشاط الاقتصادي.
– استفادة الطبقات الفقيرة والمتوسطة بما يتحقق نسبيًا من رخاء، واقتسام ثمار النمو بين مكتسبات الأجيال الحالية وضمانات حياة أفضل للأجيال اللاحقة.
– حماية ثروات البلاد من محاولات فئات محدودة الاستحواذ والنهب المنظم والمقنن للثروات الطبيعية.
– إنشاء أجهزة مراقبة إدارية ومالية فعالة تجسد سياسة الاحتواء المالي لحماية مقدرات البلاد، والمردود الوطني الذي سيمثل فرقًا في نتائج الاستثمار، يمكن توجيهه لدعم جهود الأمن الغذائي وقطاع الصحة.
– إقامة شبكات الضمان الاجتماعي؛ لتعويضاحتياجات الأطراف الخاسرة؛ فتوفر لها قدرًا من الأمان.
رفع كفاءة العاملين
ويعتمد تحقيق النمو على رفع كفاءة العاملين، وتدريبهم على مهام التنمية التحويلية، ومساعدتهم على التعافي من آثار فقدان مناصب العمل، والتكيف سريعًا عند وقوع صدمات اقتصادية، وتقصير فترة المعاناة من آلام البطالة.
وفي مجال تجسيد المظهر الاحتوائي للجانب الاجتماعي في السياسة الاقتصادية.
يمكن للحكومة تقديم تأمين على الأجور للعمالة التي يتم تسريحها وإلحاقها في وظائف بديلة أقل أجرًا، مع إمداد أصحاب الأعمال بدعم على الأجور لتعيين العمالة المُسرَّحة.
علاوة على إتاحة التمويل للفقراء لمساعدتهم في جنى ثمار التدفقات المالية الأجنبية.
مع تطوير عملية جمع الضرائب بشكل عادل وفعال، وتركيز الاعتماد على سياسات تعزز فرص الحصول على التعليم والرعاية الصحية لجميع طبقات المجتمع.
وتتقاسم أهداف التنمية المستدامة ومغزى النمو الاحتوائي، مفهوم تقسيم ثمار النمو بين المواطنين؛ليكون لكل فرد نصيب.
إما بزيادة دخل الأفراد، أو الحصول على مستوى تعليمي لائق، وخدمات صحية، وبنية أساسية جيدة لزيادة قدرتهم على تحسين صحتهم وزيادة مهاراتهم، بما يؤهلهم للوفاء بمتطلبات سوق العمل.
مضاعفة الناتج القومي
ولا شك في أن ذلك ينعكس علي زيادة إنتاجيتهم؛ وبالتالي مضاعفة الناتج القومي للدولة من ناحية، وخروج هذه الفئات من نطاق العالة إلى الطبقة المنتجة للثروة من ناحية أخرى؛ وبالتالي تخفيض النفقات التي تقدمها الدولة لعلاج مشاكل هذه الفئات، وتحويلها من وضع الإعالة إلى قطاع منتج بالدولة.
ويتضح ذلك من تجارب بعض الدول كثيفة السكان؛ كالبرازيل والهند والصين؛ لأن تدني قدرات الأفراد بسبب الفقر، يعيق مسيرة النمو؛بسبب العجز الذي يسود سوق الائتمان؛ لعجز الناس عن الاستفادة من فرص الاستثمار المتاحة؛ كونهم غير مؤهلين لاستغلال هذه الفرص.
علاوة على انخفاض حجم الاستثمارات الأجنبية؛ إما لتدني مستوى التعليم الفني والمهني ومهارات العمل الأساسية؛ إذ تكون مداخيل العمل المترتبة عن هذه المهارات البسيطة في زمن العولمة وثورة الاتصالات والمعلومات والتكنولوجيا المتقدمة، متواضعة جدًا؛ ما يؤدي إلى توطين الاستدامة الذاتية للفقر (Chronic Poverty).
التكنولوجيا الابتكارية
وظاهرة الاستدامة الذاتية للفقر،نجد أثرها المأساوي في العديد من المجتمعات،لا سيما على الوضع الداخلي، في صورة عدم وفاق سياسي، وتدهور الأمن، وزعزعة الاستقرار الاجتماعي الناتج عن انتشار الفساد.
لذلك تعلو الأصوات المطالبة بضرورة التوطين المحلي لأهداف التنمية المستدامة، والإسراع بالاستثمار في التكنولوجيا الابتكارية.
والاستثمار في رأس المال البشري؛ لتجاوز عقبات تطبيق التنمية الاحتوائية التي يبقى هدف تحقيقها رئيسًا؛حتى يتحقق النمو المستدام والمتوازن، ويتم كبح الارتفاع المتزايد لمعدلات الفقر والبطالة، وتضييق الفجوة الآخذة في الاتساع بين فئات المجتمع.
صبحة بغورة
التعليقات مغلقة.