منصة إعلامية عربية متخصصة فاعلة في مجال الاقتصاد بروافده المتعددة؛ بهدف نشر الثقافة الاقتصادية، وتقديم المعلومات والمصادر المعرفية السليمة التي تسهم في نشر الوعي الاقتصادي، ومساعدة أصحاب القرار في اتخاذ القرارات الصائبة التي تقود الاقتصاد نحو تنمية فاعلة ومستدامة.

بورصة أبو ظبي | فوتسي

الأسهم الأمريكية | ناسداك

بورصة أبو ظبي | فوتسي

الأسهم الأمريكية | ناسداك

الرابط المختصر :

ساكسو بنك: الذهب ينخفض والنفط إلى ارتفاع وآمال بتعافي الاقتصاد العالمي

 

شهد الاقتصاد العالمي خلال الأسبوع الماضي تحسنًا مُفاجئًا على الأقل من الناحية النظرية، بعد ظهور بوادر تعافي ارتبطت بتداول أنباء حول إمكانية تطوير علاج لمرض كوفيد-19.

واستمدت السلع الأساسية، ومنها النفط الخام والبنزين، بعض الدعم بعد تأثرها مؤخرًا بحالة من التراجع والفوضى، فيما واجه الذهب، الذي يُعد أحد الملاذات الاستثمارية الآمنة، أكبر انخفاض أسبوعي له منذ سبعة أسابيع.

وكان الدافع وراء التغيّر الإيجابي في توجهات المستثمرين هو وميض الضوء الذي ظهر في نهاية نفق جائحة فيروس كورونا الطويل جدًا؛ فقد أعلنت عدة دول أوروبية عن استعدادها لإعادة افتتاح جزئي وسط تصاعد الآمال بإيجاد لقاح لعلاج مرض كوفيد-19.

لكن الاهتمام بهذه المُستجدات تراجع مؤقتًا لصالح التركيز على الارتفاع الحاد في معدلات البطالة العالمية وانهيار ثقة المستهلكين. بالمقابل، تزايدت الأقاويل في السوق عن احتمالات تسجيل تعافي اقتصادي وفق نموذج V، ما قد يحد من التداعيات السلبية لأسوأ أزمة اقتصادية يشهدها العالم منذ أزمة الكساد الكبير.

ونعتقد أن مسار التعافي الاقتصادي سيكون لسوء الحظ بعيدًا عن نموذج V.ورغم تدهور التوقعات الفنية للذهب على المدى القصير، حافظت الأساسيات الاقتصادية طويلة الأمد على استقرارها، ما برهن بطبيعة الحال على نظرتنا الإيجابية على المدى المتوسط والبعيد حيال المعدن الأصفر؛ ولكننا نُقر بالمقابل أن عوامل التحفيز الحالية مُتعادلة من حيث التأثيرات السلبية وعوامل الدعم في آنٍ معًا.

ونعتقد أن الأسعار الحالية والمستقبلية ستتأثر بهذه المخاطر:

الجوانب الإيجابية:

التحوط ضد ضخ سيولة البنوك المركزية في السوق المالية.

التحكم بمُنحنى العائد لكبح الإيرادات الحقيقية التي تُعتبر محركًا رئيسيًا لأداء الذهب.

تزايد وفرة الادخار النقدي العالمي بالتوازي مع تخفيض معدلات الفائدة لمستويات منخفضة وسلبية للغاية.

الطلب على أنشطة الاستثمار في الأسواق النامية يعوض الطلب الضعيف للمستهلكين في الأسواق الناشئة (الصين والهند).

تزايد المخاطر الجيوسياسية بالتوازي مع بدء لعبة تبادل الاتهامات بخصوص المُسبب في انتشار مرض كوفيد-19 (الصين في مواجهة بقية دول العالم).

الجوانب السلبية:

تخفيف إجراءات الإغلاق واحتمال تطوير لقاح لمرض كوفيد-19.

الآمال بتسجيل تعافي اقتصادي وفق نموذج V قد يدفع أسواق وول ستريت المالية إلى الابتعاد عن التيار الاقتصادي العام (ارتفاع البطالة وانهيار ثقة المستهلكين).

تراجع الطلب على المجوهرات في الصين والهند.

مخاطر قيام البنوك المركزية ببيع الذهب في ضوء تزايد عجز الميزانيات وانخفاض قيمة العملات.

ورغم تسجيل طلب قياسي على صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بسبائك الذهب، لا يزال المعدن الأصفر يواجه مقاومة قبل مستوى 1750 دولار للأونصة. وقد أدى تراجع زخم الأسعار إلى قيام صناديق التحوط بخفض الرهانات الصاعدة المتعلقة بالذهب.

وشهد الأسبوع المنتهي بتاريخ 21 أبريل تراجع صافي حيازات المُضاربين من مراكز التداول قصيرة الأجل في سوق الذهب إلى أدنى مستوى منذ عشرة أشهر، في أعقاب تسجيل انخفاض بنسبة 37% منذ فبراير الماضي. من جهة ثانية، أدى الأداء الضعيف للفضة، بحكم ارتباطه بالقطاعات الصناعية، إلى انسحاب المستثمرين المضاربين.

وفي الأسبوع الأخير من إعداد التقارير حتى يوم 21 أبريل، تم تخفيض صافي حيازات مراكز التداول طويلة الأجل في سوق الفضة بواقع 13,500 لوت فقط، بما يُعادل انخفاضًا بنسبة 80% منذ تسجيل أعلى مستوى في فبراير الماضي.

في سياقٍ متصل، نُرجح أن تتأثر نسبة تداول الفضة إلى الذهب بمخاطر الصعود على المدى القصير، علمًا أن نسبة التداول هذه لا تزال مُستقرة عند أعلى مستوى لها منذ عدة عقود فوق 110 أونصة من الفضة مقابل أونصة واحدة من الذهب.ويأتي ذلك على خلفية النمو الضعيف للاقتصاد العالمي، والذي أدى لتراجع الطلب على التطبيقات والأنشطة الصناعية. وإلى جانب صافي الحيازات الصغيرة من مراكز التداول طويلة الأمد المُشار إليها سابقًا، قد يسهم ارتفاع الذهب مجددًا في تأمين بعض الدعم من جانب المستثمرين الذين يركزون على السعر الرخيص نسبيًا للفضة ومكانته كبديل استثماري عن الذهب.

من ناحية أخرى، تعمل صناديق التحوط، والمصنّفة لدى البعض كجهات استشارية لتداول السلع، على تطبيق نماذج لا تستند غالبًا إلى الأساسيات الاقتصادية، بل ترتكز على البوادر الفنية والمُعطيات القائمة على الأسعار.

وتميل هذه الصناديق لزيادة حجم مراكز التداول بمجرد النجاح في تأسيس مراكز تداول مُربحة إلى حين حدوث انعكاس في السوق، أي الشراء عند تنامي قوة السوق والبيع عند ظهور بوادر ضعف.

وبما أن سوق الذهب تبدو من وجهة نظرنا غير مقبلة على أي انعكاس، نؤكد أن التراجع الحالي في الزخم قد دفع هذا النوع من الصناديق لإطلاق أنشطة تصفية طويلة الأمد.

ومع أخذ ذلك بالحسبان، قد تواجه التوقعات في المدى القصير عدة تحديات تتمثل في خطر حدوث موجة تصحيح عميقة نحو مستوى 1655 دولار للأونصة، وربما إلى 1634 دولار للأونصة، قبل أن تترسخ مجددًا المخاطر الصاعدة المذكورة أعلاه.

وقد حاول سوق النفط الخام خلال الأسبوع التعافي من مذبحة الأسعار الأخيرة التي دفعت بعقود خام غرب تكساس الوسيط الآجلة لشهر مايو إلى أقصى عُمق المنطقة السلبية. وتم في ضوء ذلك اتخاذ عدّة تدابير وتغييرات لتلافي تكرار هذه الأزمة، قبيل انتهاء عقود النفط لشهر يوليو بتاريخ 19 مايو. وقد رفعت مجموعة سي إم إي الأميركية المُشغلة للبورصات هامش الاحتفاظ بمراكز التداول، إلى جانب فرض قيودٍ على مراكز التداول المرتبطة بالعقود الآجلة ذات الصلة بصناديق الاستثمار المتداولة. علاوةً على ذلك، قامت صناديق السلع الرئيسية، مثل مؤشر ستاندرد آند بورز جولدمان ساكس، بتطبيق انكشاف تدريجي خارج نطاق المنحنى، بينما عملت العديد من البنوك والوسطاء الماليين على تطبيق قواعد “التخفيض فقط” على مراكز التداول التي يحتفظ بها عملاؤهم بموجب عقود شهر يونيو.

ويُعزى تسجيل أول مكسب أسبوعي في غضون شهر واحد إلى عاملين أساسيين، هما احتمال ارتفاع الطلب بالتوازي مع شروع الدول بإنهاء إجراءات الإغلاق، بالإضافة إلى رغبة المُنتجين، بما يشمل منظمة أوبك بلس وغيرها، بتخفيض حجم الإنتاج لتجنب إجراءات الإغلاق القسري نتيجة الافتقار لمرافق التخزين.

وفي حال عدم توافر مرافق كافية حول العالم لتخزين إمدادات النفط الخام غير المرغوب فيها، لابد حينها من مساواة حجم الإنتاج مع مستوى الطلب. ونعتقد أن تحقيق ذلك مرهون بإجراء تخفيض كبير للإنتاج، ليس بالضرورة من جانب المنتجين ذوي التكلفة المرتفعة، وإنما من أولئك الذين ليس لديهم مُشترين للنفط. وفي هذا الإطار، توقعت شركة ريستادإنرجي النرويجية في أحدث تقاريرها بأن ينخفض الطلب على النفط بمقدار 28 مليون برميل يوميًا خلال هذا الشهر، و21 مليون برميل يوميًا في الشهر المقبل، وبواقع 16 مليون برميل في يونيو. كما أشار تقرير جديد لبنك جولدمان ساكس بأن مرافق تخزين النفط حول العالم ستمتلئ بحلول الشهر المقبل.

وبما أن الأسعار المُعتمدة لتسوية المعاملات التقليدية لا تزال ضعيفة، فقد ساهم الطلب على المضاربة في ارتفاع أسعار العقود الآجلة في الأسبوع الماضي. كما تواصلت مسألة الضغوط التي تتعرض لها صناديق استثمار النفط المتداولة والمرتبطة بصندوق النفط الأمريكي، غير أن الجهات التنظيمية أجبرت الصناديق على تحويل انكشافها إلى خارج نطاق المنحنى، ليتراجع بموجب ذلك خطر انهيار تلك الصناديق. ونعتقد أن ضعف الأداء المُقترن بمرور الشهر الأكثر تقلبًا قد أفضى بنهاية المطاف إلى تقليل مستوى الطلب، ولكن ذلك جاء للأسف بعد فوات الأوان بالنسبة للعديد من المستثمرين الجُدد.فعلى سبيل المثال، شهدت إحدى منصات التداول الأمريكية خلال الشهر الماضي زيادة بمقدار 10 مرات تقريبًا في عدد العُملاء الذين احتفظوا بمراكز تداول في صندوق النفط الأمريكي، وذلك خلال فترة تراجعت فيها قيمة الصناديق المتداولة في البورصة إلى النصف؛ ولكن أعقب تلك الزيادة تراجع بأكثر من الثلث في يوم الخميس لوحده.

وكما أشرنا سابقًا، كان النفط الخام يتجه لتسجيل أول مكاسب أسبوعية له خلال شهر، على خلفية الاستجابة لتطبيق اتفاق تخفيض الإنتاج الذي أعلنت عنه منظمة أوبك بلس، إلى جانب تكشف بوادر بأن الركود الاقتصادي المُرتبط بتفشي فيروس كورونا المستجدّ قد بدأ ينحسر فعليًا. وعلى أية حال، من المتوقع أن يؤدي مستوى المقاومة عند 23.5 دولار لبرميل خام غرب تكساس الوسيط و28 دولار لبرميل خام برنت في كبح الاتجاه الصاعد الحالي.ويبدو من الصعب حاليًا تقديم أي توقعات قصيرة المدى، ولاسيما مع مواصلة امتلاء مرافق تخزين النفط الخام حول العالم. ويبقى السباق المُحتدم لتجنب امتلاء جميع مرافق التخزين إلى جانب خطر الإغلاق القسري من بين أبرز التحديات الرئيسية، كما أن سوق العقود الآجلة قد تتعرض لخطر الارتفاع إلى مستويات لا تدعمها المُستجدات في سوق السيولة النقدية.

لمحة عن أداء السلع

ارتفعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي إلى 2 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لأول مرة منذ شهر فبراير؛ فقد ارتفع السعر متأثرًا باحتمال تخفيض إنتاج النفط الصخري. وذكرت وكالة بلومبرج أن إنتاج الغاز في 48 ولاية أمريكية متجاورة قد تراجع منذ شهر يوليو إلى أدنى مستوى له عند 85.6 مليار قدم مكعبة يوميًا، كما انخفض بواقع 10% عن المستويات القياسية المُسجلة في ديسمبر الماضي.

قفزت عقود البنزين المعدّل للامتزاج بالأوكسجين إلى أعلى مستوى لها في ستة أسابيع، بعد إعلان إدارة معلومات الطاقة الأمريكية عن تسجيل أول انخفاض للمخزون في غضون خمسة أسابيع، وبعد أن سجل الاستهلاك الأمريكي مكاسب للمرة الثالثة على التوالي عند 5.86 مليون برميل/ يوم، أي أقل بحوالي 35% عن المُعدل المتوسط لفترة سنة واحدة.

من جهة ثانية، انخفض تداول عقود النحاس عالي الجودة خلال الأسبوع، بعد أن وجد مقاومة أخرى عند 2.38 دولار/ رطل، وواجه موجة تصحيح بنسبة 618%، وصولًا إلى عمليات البيع المُسجلة بين شهري فبراير ومارس. ونرجح أن تبقى الأسعار ضمن نطاق الصعود والهبوط خلال الأسابيع المقبلة، في ضوء وفرة المخزون، وتوقف عمليات الإنتاج مجددًا، بالإضافة إلى تزايد خطر الركود الاقتصادي العميق الذي سيضر بالطلب.

ارتفعت بشكلٍ حاد الأسعار في سوق الثروة الحيوانيةوعلى رأسها الخنازير، تزامنًا مع احتمال نشوب أزمة لحوم في السوق الأمريكية. ويأتي ذلك بعد إغلاق 16 منشأة رئيسية لمعالجة لحوم الدواجن والخنزير والبقر، عقب تحولها إلى بؤرٍ لمرض كوفيد-19. وكان إنتاج لحم الخنزير الأكثر تضررًا، لاسيما مع توقف حوالي نصف عمليات المعالجة حاليًا. بالمقابل، قفزت العقود الآجلة للخنازير بنسبة 60%، بعد أن لامست قبل أسبوعين أدنى مستوى لها منذ 18 عامًا.

ويواصل الكاكاو إظهار بوادر تعافي بعد تجاوزه مستوى 2400 دولار أمريكي/ طن متري. وقد أدت المخاطر المُحدقة بالطلب نتيجة تفشي مرض كوفيد-19 إلى انخفاض الأسعار بنسبة 25%، قبل عودتها للاستقرار والصعود حاليًا. وبصرف النظر عن تحسن التوقعات الفنية، فإن سوء الأحوال الجوية وبقاء العُمال في المنازل خوفًا من الإصابة بفيروس كورونا المستجدّ قد يؤثر سلبًا على الإنتاج في غرب أفريقيا التي تُعتبر إحدى أبرز المناطقإنتاجًا للكاكاو.

بقلم أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع لدى ساكسو بنك

الرابط المختصر :

التعليقات مغلقة.