تجارة واستثمار الخيول في السعودية.. واقع الصناعة وآفاق المستقبل

تعد المملكة العربية السعودية من أبرز الدول الرائدة عالميًا في مجال تربية وإنتاج الخيول العربية الأصيلة. إذ تفوقت على الولايات المتحدة في هذا المجال.
فيما تأتي هذه الريادة نتيجة جهود طويلة واستثمارات ضخمة. تهدف إلى تطوير صناعة الخيل وتعزيز مكانتها في الأسواق العالمية. وتماشيًا مع رؤية السعودية 2030.
رؤية 2030
كما تتجه المملكة إلى تنويع اقتصادها؛ ما يشمل دعم قطاع الفروسية. عبر استثمارات إستراتيجية تستهدف تعزيز البنية التحتية لهذه الصناعة، وزيادة الصادرات. وتحقيق التكامل مع القطاعات الاقتصادية الأخرى.
لذا نستعرض واقع صناعة الخيول في السعودية، والاستثمارات المرتبطة بها. وحجم السوق، والتحديات التي تواجهها، إضافة إلى إستراتيجيات تطوير هذا القطاع الحيوي.
علاوة على الاستعانة ببيانات حديثة من مصادر رسمية. مثل: صندوق الاستثمارات العامة، والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي. وهيئات الفروسية المحلية والعالمية.
أهمية صناعة الخيول في السعودية
لطالما احتلت الفروسية مكانة بارزة في تاريخ المملكة، حيث ينظر إلى الخيول العربية الأصيلة باعتبارها رمزًا للتراث والثقافة السعودية.
بناء على ذلك الاهتمام أصبحت المملكة من أبرز اللاعبين في سوق الخيول العالمية، سواء من حيث تربية الخيول، أو تنظيم السباقات الدولية، أو حتى الاستثمار في مرافق الفروسية.
مكانة السعودية في إنتاج الخيول العربية الأصيلة
وفقًا لبيانات مركز الملك عبد العزيز للخيل العربية الأصيلة احتلت السعودية المرتبة الأولى عالميًا في إنتاج الخيول العربية. متفوقة على الولايات المتحدة.
ففي عام 2021 بلغ إجمالي عدد مواليد الخيل العربية في المملكة 5246 حصانًا. كما تسعى إلى تعزيز موقعها كمصدر رئيسي للخيل العربية الأصيلة للأسواق العالمية.
في حين تعد السعودية موطنًا لأحد أكبر وأهم سباقات الخيل في العالم. وهو كأس العالم للخيول الذي يقدم جوائز ضخمة تصل إلى 20 مليون دولار. ما يجعله السباق الأغلى عالميًا.
كما يجذب الحدث نخبة ملاك الخيول والفرسان من مختلف أنحاء العالم، وهذا يعزز مكانة السعودية في صناعة الفروسية الدولية.
استثمارات المملكة في قطاع الخيول
في إطار رؤية 2030 تعمل المملكة على تطوير قطاع الفروسية. من خلال استثمارات ضخمة يقودها صندوق الاستثمارات العامة (PIF).
كما يركز PIF على دعم المشاريع التي تساهم في تنمية الاقتصاد السعودي. بما في ذلك: تطوير مرافق الفروسية وإنشاء مدن متكاملة للخيل.
في حين تظهر بيانات الصندوق أن المملكة خصصت ميزانيات ضخمة لدعم هذا القطاع، تشمل:
- تطوير البنية التحتية لسباقات الفروسية.
- بناء مراكز متخصصة لتربية الخيول وفق المعايير الدولية.
- تعزيز الشراكات مع أبرز ملاك ومدربي الخيول حول العالم.
بينما تسعى الحكومة إلى استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في مجال تربية الخيول.
كذلك وقعت العديد من الاتفاقيات مع دول متقدمة في هذا المجال. مثل: بريطانيا وفرنسا؛ للاستفادة من خبراتها في تطوير السلالات والسباقات الدولية.
حجم سوق الخيول عربيًا وعالميًا
وفقًا لتقرير جمعية الأعمال التجارية للخيول يقدر التأثير الاقتصادي السنوي لصناعة الخيول عالميًا بحوالي 300 مليار دولار.
كما يدعم هذا القطاع أكثر من1.6 مليون وظيفة بدوام كامل.
وفيما يتعلق بسوق سباقات الخيل قدر حجم السوق العالمي بنحو 402.3 مليار دولار عام 2022، ومن المتوقع أن ينمو ليصل إلى 793.9 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 8.89%.
أما على الصعيد العربي فإن الإمارات والسعودية ومصر تعد أبرز الدول المستثمرة في صناعة الخيل.
في حين تظهر بيانات Cognitive Market Research أن حجم سوق معدات الفروسية في دول مجلس التعاون الخليجي بلغ 19.36 مليون دولار عام 2024.
فيما من المتوقع أن ينمو بمعدل سنوي 4.7% خلال السنوات المقبلة.
تحديات تواجه صناعة الخيول في السعودية
رغم الإنجازات الكبيرة يواجه قطاع الخيول في المملكة تحديات عدة، منها:
التكاليف المرتفعة: تعد تربية الخيول واستيراد السلالات النادرة مكلفة للغاية. إذ تشمل التكاليف: الأعلاف، والرعاية البيطرية، والتدريب، والبنية التحتية المتخصصة.
ضعف التغطية الإعلامية: مقارنة بالرياضات الأخرى، مثل كرة القدم. لا تحظى سباقات الفروسية بمتابعة إعلامية كافية. ما يؤثر في جذب الرعاة والمستثمرين.
الحاجة إلى مزيد من الكوادر المؤهلة: كما يتطلب القطاع مدربين وأطباء بيطريين متخصصين في الخيول العربية الأصيلة.
وهو ما يشكل تحديًا نظرًا لندرة هذه الكفاءات محليًا.
تنظيم الأسواق الدولية: تحتاج السعودية إلى تحسين معايير التصدير والاستيراد للخيول. بما يتماشى مع الاشتراطات البيطرية العالمية. خاصة بعد فرض بعض الدول الأوروبية قيودًا على استيراد الخيول العربية الأصيلة من الشرق الأوسط.
إستراتيجيات تطوير قطاع الفروسية في السعودية
لمواجهة التحديات وتعزيز ريادة المملكة في قطاع الفروسية وضعت الحكومة إستراتيجيات متعددة. أبرزها:
- توسيع الصادرات وتعزيز التجارة الدولية
-تهدف المملكة إلى زيادة صادراتها من الخيول العربية الأصيلة؛ عبر تحسين الإجراءات التنظيمية وضمان توافقها مع المعايير الدولية.
-كذلك تستهدف تصدير 1,100 حصان عربي خلال السنوات المقبلة. عن طريق مبادرات، مثل: مدينة مرابط مصر، التي تهدف إلى تربية وتصدير الخيول الأصيلة.
- الاستثمار في البحث والتطوير
– تمويل الأبحاث المتعلقة بتطوير سلالات الخيول وتحسين جيناتها.
– التعاون مع الجامعات العالمية لإجراء دراسات على صحة الخيول وأساليب تحسين أدائها في السباقات.
- تعزيز البنية التحتية للفروسية
– بناء مرافق متطورة للسباقات، تشمل حلبات سباق بمعايير عالمية.
– تطوير مزارع حديثة متخصصة في إنتاج وتدريب الخيول.
- الترويج لرياضة الفروسية إعلاميًا
– زيادة التغطية الإعلامية لسباقات الخيل عبر القنوات الرياضية ومنصات التواصل الاجتماعي.
– تنظيم فعاليات عالمية، مثل كأس السعودية، لجذب أنظار عشاق الفروسية عالميًا.
كما تمثل صناعة وتجارة الخيول في السعودية قطاعًا واعدًا يشهد نموًا متسارعًا. بفضل الاستثمارات الحكومية والدعم المستمر من صندوق الاستثمارات العامة.
بينما مع تنفيذ رؤية 2030 تواصل المملكة تعزيز مكانتها كوجهة عالمية لتربية الخيول وتنظيم السباقات الكبرى. ومع مواجهة التحديات الحالية من خلال إستراتيجيات فاعلة. من المتوقع أن تصبح مركزًا عالميًا لصناعة الخيول في السنوات القادمة.
التعليقات مغلقة.