التدمير الإبداعي.. الذكاء الاصطناعي يمحو مهن ويوفر ملايين الوظائف الجديدة

يعد الذكاء الاصطناعي، تقنية سريعة التطور لها القدرة على تغيير سوق العمل بشكل كبير، من المتوقع أن يؤدي إلى فقدان ملايين الوظائف، لكنه في الوقت نفسه يخلق وظائف جديدة في مجالات مثل تطوير البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات والهندسة، وهذا ما يعرف بالتدمير الإبداعي، أحد أهم المفاهيم الأساسية للاقتصاد الذي عرّفه عالم الاقتصاد جوزيف شومبيتر عام 1942.

 

قد يعجبك.. مدعومة بالذكاء الاصطناعي.. المملكة تطلق منصة “مستشارك” لتحسين مستوى النصائح المهنية

 

عرف شومبيتر، العملية بالطفرة الصناعية التي تحدِث ثورة مستمرة في البنية الاقتصادية من الداخل. من خلال تدمير البنية القديمة وخلق بنية أخرى جديدة، بطريقة مستمرة.

وهذا يعني حتمًا أن الوظائف القديمة ستختفي، ولكن نظرًا لأن التدمير الإبداعي مدعوم بالابتكار، فهذا يعني أيضًا ظهور وظائف جديدة. كما يعد الذكاء الاصطناعي، هو أكبر ابتكار في هذا العقد.

 

مجالات جديدة

بحسب الورقة البحثية الجديدة للمنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان “وظائف الغد: نماذج اللغة الكبيرة والوظائف”. – هؤلاء هم “المدربون” و”المفسرون” و”الداعمون”. من الممكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي، في توفير الملايين من فرص عمل من خلال 3 مجالات رئيسية وهي:

المدربون، وهم الأشخاص المنوط بهم تطوير الذكاء الاصطناعي، ومنهم المهندسون والعلماء الذين يعملون على نماذج اللغة الكبيرة. التي تعتمد عليها أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية مثل شات جي بي تي.

كما أن أدوارهم المحددة في هذا المجال لا تنتمي فقط إلى المبرمجين الذين يصممون خوارزميات أكثر كفاءة.

في حين أكد تقرير وظائف الغد أن المهندسين الكهربائيين يمكن أن تتاح لهم فرص أكبر. بفضل زيادة الطلب على الرقائق الدقيقة المخصصة لتدريب وتشغيل نماذج اللغة الكبيرة. كما تشمل وظائف المدربين الأخرى التي يمكن أن ينشئها الذكاء الاصطناعي مسؤولي الأنظمة الذين يقومون ببناء البنية التحتية للخوادم.

بينما أضاف المنتدى أن ضمان حصول هذه الأنظمة على الطاقة التي تحتاجها سيكون أمرًا بالغ الأهمية. لذلك يمكن أن تكون الوظائف في هندسة أنظمة الطاقة في ازدياد أيضًا.

 

تصميم الواجهات

في حين يقوم المفسرون، بتصميم الواجهات التي تمكن الناس من التفاعل مع الذكاء الاصطناعي، وتسهل من استخدامه. كما يمكن اعتبارهم “مصممي تجربة المستخدم” لنماذج اللغة الكبيرة. تمامًا كما كان يحدث في أجهزة الكمبيوتر في وقت سابق. إذ كان يكتب سلسلة من الأوامر الفنية الدقيقة في MS – DOS لبدء تشغيل أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم.

كما لا يزال العديد من نماذج اللغة الكبيرة اليوم تقنيًّا للغاية، مما يعني أنها تحتاج إلى واجهات مصممة. لجعلها في متناول عامة الناس، كما يقول المنتدى.

ويمكن إشراك المفسرين في جعل نماذج اللغة الكبيرة تعمل مع أنواع مختلفة من مدخلات المستخدم. وقد يعمل البعض مع الأوامر المكتوبة، بينما يستجيب البعض الآخر للصوت المنطوق.

كما يمكن أن يتضمن العمل التوضيحي إنشاء خطط إدارة التعلم المصممة خصيصًا لمهام معينة. بينما أكد تقرير وظائف الغد إن هذا قد يؤدي إلى نمو وظائف مساعدي الذكاء الاصطناعي أو المعلمين أو المدربين المتخصصين.

 

إنتاج محتوى متعمق

في حين يعتبر الداعمون هم المجال الثالث، وتكون مسئوليتهم التأكد بشكل أساسي من استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي بأفضل طريقة ممكنة. كما ينقسمون إلى 3 أنواع رئيسية وفقًا لتقرير المنتدى: وهم منشئو المحتوى، وأمناء البيانات، ومسؤولو الأخلاقيات والحوكمة.

بالإضافة إلى منشئو محتوى “الهندسة السريعة”، وهي تخصص جديد يتضمن كتابة مطالبات نصية. لجعل نماذج اللغة الكبيرة ينتج المحتوى الذي يريده المستخدم. وبنفس الطريقة التي نملي بها الكلمات التي نكتبها في جوجل فنتائج البحث التي نتلقاها. تحتاج نماذج اللغة الكبيرة إلى مطالبات خاصة لإنتاج النتائج المطلوبة.

كما يقول المنتدى إن تحسين المطالبات يسمح للجهات الداعمة للذكاء الاصطناعي بإنتاج محتوى متعمق. بسرعة حول مواضيع مختلفة، وفي أي مجال.

بينما يتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على إنتاج المقالات والكتب ومواد التدريس والتدريب، وحتى القصص الكاملة للأفلام والمسلسلات التلفزيونية. وهي حقيقة أدت مؤخرًا إلى إضراب كتاب السيناريو في هوليوود.

كما ترجع أهمية أمناء البيانات، باعتبارهم المسئولين عن المدخلات وبالتالي جودة النتائج في نهاية الأمر. لأن مدخلات نماذج اللغة الكبيرة هي مجموعات البيانات الكبيرة التي يتم تدريبهم عليها.

بينما يتم تكليفهم بالتأكد من أن نماذج اللغة الكبيرة لديها أفضل البيانات التي تدخل فيها. ولأن معظم بيانات التدريب يتم تنسيقها من النص المنشور على الإنترنت، فإن التحقق من جودة البيانات ونزاهتها أمر بالغ الأهمية، ويؤدي إلى تطوير القوى العاملة المتخصصة الخاصة بها.

 

أهمية جودة البيانات

بالإضافة إلى مسؤولي الأخلاقيات والحوكمة يمكن أن تؤدي المشكلات المحيطة بجودة البيانات أيضًا إلى مشاكل أخلاقية في استخدام الذكاء الاصطناعي. كما قد يؤدي وجود لغة متحيزة في بيانات التدريب إلى قيام نماذج اللغة الكبيرة بإنتاج محتوى متحيز أو ضار أو غير أخلاقي.

في حين يكون مسؤولو الأخلاقيات والحوكمة مسؤولين عن التأكد من أن نماذج اللغة الكبيرة لا يتصرفون بهذه الطريقة. كما يشمل ذلك اختبارًا مكثفًا للنظام قبل إصداره، ويمكن أن يؤدي إلى صعود مسؤولي السلامة والأخلاقيات في مجال الذكاء الاصطناعي.

ومن الممكن أيضًا وجود مجال جديد تمامًا من التنظيم والقانون حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والحوكمة. مما يؤدي إلى وظائف جديدة في هذه المجالات.

كما أشار تقرير وظائف الغد إلى أنه لا يمكن أن تكون هناك تنبؤات مؤكدة بنسبة 100%. فيما يتعلق بالأدوار الجديدة التي قد تظهر مع اعتماد نماذج اللغة الكبيرة على نطاق واسع. ولكنه يؤكد على أن أعلى نسبة نمو محتمل في الوظائف ستكون في الذكاء الاصطناعي ومتخصصي التعلم الآلي بالسنوات الخمس المقبلة. مع توسع محتمل بنسبة 39%.

 

وظائف جديدة

في حين بشر التقرير أيضًا بفرص نمو في مجالات مثل معلمي الجامعات والتعليم العالي، مع نمو بنسبة 10%. وهي حقيقة تم تسليط الضوء عليها أيضًا في تقرير مستقبل الوظائف لعام 2023 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.

بينما يتطلب وظائف مثل التدريس درجة عالية من التفاعل الشخصي، كما هو الحال في المجالات الأخرى المتوقع. أن تشهد نموًا في السنوات المقبلة، مثل أخصائي الرعاية الصحية.

كما خلص تقرير وظائف الغد، إلى أن اعتماد الذكاء الاصطناعي التوليدي، ولا سيما نماذج اللغة الكبيرة. يغير طبيعة العمل، ويحل محل بعض الوظائف الحالية في هذه العملية، ويعزز وظائف أخرى، ويخلق العديد من الأدوار الجديدة.

وطالب التقرير الشركات والحكومات، باتخاذ خطوات استباقية لإعداد القوى العاملة للانتقال الشامل القادم. لضمان استفادة جميع أفراد المجتمع من إمكانات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

كما حدد المنتدى 30 توصية للتطوير المسؤول للذكاء الاصطناعي التوليدي. بما في ذلك الممارسات المتعلقة بالابتكار والتعاون المفتوحين، وأولويات التقدم الاجتماعي.

 

مقالات ذات صلة:

لينكد إن تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوفير مميزات التوظيف الجديدة